العدد 457
الخميس 14 يناير 2010
banner
القضية والمزايدات
الثلاثاء 23 أبريل 2024

من المؤسف أن يقوم بعض الكتاب بتحويل أنفسهم إلى أدوات رخيصة الثمن لخدمة حملات إعلامية مخططة ومحسوبة من قبل أطراف إقليمية تهدف للنيل من غيرها؛ تحقيقا لأهداف هي أبعد ما تكون عما هو معلن من شعارات وخطب ودموع تماسيح تذرف خلال هذه الحملات.
هؤلاء دوما ينتظرون الوحي أمام شاشات بعض الفضائيات ذات الأيديولوجيات والأهداف المحسوبة ليستقوا معلوماتهم ومواقفهم، مدفوعين بشهوة الكتابة وحب الظهور وتحقيق البطولات الوهمية، وإن كان ذلك بتبني مزايدات الآخرين وآرائهم.
هم يذرفون دموع التماسيح على شعب غزة المحاصر، ويضعون أنفسهم طائعين ضمن الجوقة التي تعزف على الوتر الإيراني ليل نهار.
لا بأس لديهم ان قامت حركة حماس بفصل الضفة عن القطاع وطرد موظفي السلطة من على معبر رفح، فلا حاجة للسلطة، ولا للمعبر؛ لأن هناك ألفا ومئتين من الأنفاق التي تخترق الحدود المصرية ويمر من خلالها ما لذ وطاب.
فتح وحماس يقتلون بعضهم بعضا ويعتقلون بعضهم بعضا وحماس ترفض مرارا التوقيع على الصلح بعد ورود إشارات من بعيد، ومصر هي المتهمة.
ولأن حركة حماس نجحت في انتخابات ديمقراطية، فلها الحق في أن تزيل الحدود التي تفصل بين غزة وبين مصر، فلابد أن تصبح غزة وسيناء أرضا واحدة، على الأقل من باب الأخوة في العروبة والإسلام، وليدخل من يدخل ويخرج من يخرج، ولا مانع أن ينتقل شعب غزة بأكمله إلى سيناء لكي تحل القضية الفلسطينية.
مصر هي المسؤولة عن مشكلة معبر رفح وعن الصراع بين فتح وحماس حول الحق في إدارته؛ لأنها هي التي طلبت من حماس أن تطرد موظفي السلطة الفلسطينية من عليه في عام 2007.
مصر مسؤولة عن جوع أهالي غزة؛ لأنها بديل لحكومة إسماعيل هنية المشغولة بممارسة هوايتها في الاستمتاع بدور الضحية.
إغلاق الأنفاق على الحدود المصرية كفر، ولابد من تركها هكذا فلا خطر سيأتي من هناك لأن الجانب الآخر كل سكانه من الملائكة، ولا يوجد هناك أي إرهابي أو جاسوس، فكل الجواسيس قد ماتوا بعد أن وضعوا العلامات الإرشادية للطيران الإسرائيلي على سيارة الشهيد الرنتيسي والشيخ أحمد ياسين.
لابد من تكثيف الهجوم الإعلامي على مصر واختزال القضية في معبر رفح، فإسرائيل تريد ذلك وإيران تريد ذلك، ولن يكون هناك صلح بين فتح وحماس حتى لا تحل مشكلة المعبر، فالمطلوب أن يظل الصراخ مستمرا وتظل القضية هكذا أطول وقت ممكن، وكلما كان القرار الفلسطيني مرتهنا بموافقة عشرات العواصم كلما ازدادت المنفعة وكلما ازداد الهجوم على مصر.
ولا بأس من وقت لآخر أن يقوم أحد رجال القناصة الأشاوس التابعين لحماس بقتل جندي مصري، ثم تقديم العزاء لأهل القتيل وللشعب المصري البطل، مع تحميل النظام المصري مسؤولية قتل هذا الجندي.
ولابد من تحري الدقة مستقبلا عند إطلاق التصريحات المتضامنة مع الحوثيين، حتى لا نغضب السعودية مرة أخرى.

زبدة القول:
الحملات الإعلامية التي تشنها بعض الدول لتحريض الشعوب العربية على مصر لن تخدم الفلسطينيين، بل تخدم أطراف أخرى تستثمر القضية لتحقيق أهداف خاصة، وستضر بالأمة كلها؛ لأنها ستبعد مصر أكثر وأكثر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية