العدد 450
الخميس 07 يناير 2010
banner
معاقبة مالكي الأقمار الصناعية
الجمعة 29 مارس 2024

في الرابع والعشرين من شهر يناير الجاري ينعقد مجلس وزراء الإعلام العرب في القاهرة برئاسة مغربية في دورة استثنائية، لبحث مشروع قرار لمجلس النواب الأميركي بمعاقبة مالكي الأقمار الصناعية في الشرق الأوسط الذين يسمحون لبعض القنوات ببث مواد تدعم (الإرهاب) أو تتعاطف مع منظمات (إرهابية).
مشروع القرار الأميركي الذي سيعكف وزراء الإعلام العرب على مناقشته يصنف مالكي الأقمار الصناعية في خانة الجهات أو المنظمات الإرهابية في حالة تعاقدهم مع قنوات مصنفة من قبل الولايات المتحدة على أنها تدعم الإرهاب أو لها علاقة مع منظمات إرهابية.
وكان مجلس النواب الأميركي قد تبنى الشهر الماضي قانونا يطلب من رئيس الولايات المتحدة تقديم تقرير للكونغرس حول “التحريض على العنف ضد الأميركيين” في القنوات الفضائية في الشرق الأوسط.
فهل سيجتمع مجلس وزراء الإعلام العرب للوقوف ضد مشروع القرار الأميركي أو للوقوف معه؟ وإذا كان مجلس وزراء الإعلام لديه موقف مبدئي رافض للإرهاب بشكل عام، فهل سيوافق السادة الوزراء على التصنيف الأميركي للمنظمات وعلى التعريف الأميركي للإرهاب؟
الإجابة متروكة بالطبع للسادة وزراء الإعلام، ولكن المأزق هنا هو أن التعريف الأميركي للإرهاب تعريف منحاز وظالم ويعتبر المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي إرهابا ويعتبر المقاومة العراقية إرهابا. فكيف يمكن القبول بهذا المنطق الأميركي، وكيف يمكن لمجلس وزراء الإعلام العرب أن يتبناه في الوقت الذي تضع فيه الولايات المتحدة أكثر من دولة عربية على قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
وإذا كانت دول العالم لم تتفق على تعريف محدد للإرهاب حتى الآن، فكيف يمكن الاتفاق على أن مادة إعلامية معينة تدعم الإرهاب أو لا تدعمه؟
ما أعتقده شخصيا في هذا الأمر هو أن الولايات المتحدة تريد ممارسة نوع من الرقابة على الإعلام العربي على وجه التحديد ومنع أي نقد لسياستها في المنطقة ومنع أي هجوم إعلامي على إسرائيل، بل ومنع وسائل الإعلام من كشف الجرائم الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني. وهذا سيكون أمرا يسيرا، إذا كانت الولايات المتحدة هي التي ستتولى تعريف الإرهاب وتتولى تصنيف المنظمات العربية والإسلامية الرافضة للعدوان الإسرائيلي إلى منظمات إرهابية أو منظمات إرهابية، وستتولى تعريف المواد الإعلامية الداعمة للإرهاب. ولا عجب في ذلك طالما أن الولايات المتحدة قد عادت بالتدريج إلى المربع الأول، أو بمعنى أدق المربع الذي انتهى إليه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، صاحب مقولة: “من ليس معنا فهو مع الإرهاب”.
وزبدة القول إن من يوافق على تعريف الإرهاب الذي ترتضيه الولايات المتحدة، عليه أن يستبعد الإرهاب الذي تمارسه الدولة الأعظم في العالم، وعليه أن يشير فقط إلى العنف الموجه إليها وإلى ربيبتها إسرائيل، مهما كانت الحجة أو الحق الذي يستند إليه منفذ هذا العنف. فالإرهاب الأميركي هو تدخل إنساني، والإرهاب الإسرائيلي هو دفاع عن النفس. وعليه أيضا أن يقتنع أن أي نقد للسياسات الإسرائيلية أو الأميركية هو تحريض على الأميركيين والإسرائيليين يؤدي إلى دعم الإرهاب، أما حملات تلطيخ الإسلام والمسلمين التي يمارسها الإعلام الغربي ليل نهار والتي تلهب مشاعر العنصريين والقتلة ضد المسلمين، فهي حرية تعبير لا غبار عليها.
وقد يتطور الأمر في المستقبل فيصبح تعريف الإرهاب هو “كل الأعمال التي لا تحبها الولايات المتحدة”...

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .