العدد 446
الأحد 03 يناير 2010
banner
إيران... ماذا بعد؟
الأربعاء 24 أبريل 2024

ما يجري في إيران حاليا يبين أن الأمور ستمضي نحو المزيد من العنف والدم، فالمشهد الجاري ليس مجرد كلاش بين مجموعة من المحتجين المعارضين وبين أجهزة الأمن كما يجري في الكثير من الدول، ولكن محركي هذا المشهد من الجانب المعارض هم في الأصل من رجال الثورة المخلصين، وهذا هو الخطر في المشهد الجاري، فمهما كان عدد قادة المعارضة الرافضين لبقاء الجمهورية الإسلامية بشكلها الحالي أقل من المؤيدين، هذا لا يعني أن الضربات الأمنية القاسية التي توجهها لهم أجهزة الأمن ستؤتي ثمارها كما يحدث في بعض الدول؛ لأن الشخصيات المنشقة الرافضة للأوضاع الحالية، شخصيات ليست بالهينة.
إيران تقف على حافة الهاوية، فكل ضربة أمنية أنتجت معارضة أشد، والمعارضة منذ أسابيع تنادي بسقوط النظام وإزاحة المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي، على الرغم من القبضة الحديدية التي استخدمت على مدى الأشهر الماضية.
وقد أدى نشر صور الثمانية الذين قتلوا يوم عاشوراء إلى إشعال الموقف أكثر وأكثر وأثار غضب العديد من الطبقات، وليس فقط رجال الدين الإصلاحيين، مثل الناشطين السياسيين من خارج التيار الديني والفنانين والموسيقيين والصحافيين والطلاب، فضلا عن الكثير من الشخصيات ذات القداسة في قم وأصفهان ممن منعوا في المشاركة في طقوس العزاء الخاصة بآية الله حسين علي منتظري.
ورغم الغضب الشديد الذي نتج عن أحداث يوم عاشوراء، كان رد الطرف الحكومي أيضا شديد العصبية؛ إذ إن الرئيس أحمدي نجاد لا يزال يردد اتهاماته بأن زعماء المعارضة ينفذون مؤامرة أجنبية، والخارجية الإيرانية وجهت اتهامات لبريطانيا واستدعت السفير البريطاني في طهران ووجهت له احتجاجا شديد اللهجة؛ لأن بريطانيا نددت بسلوك الأمن تجاه المعارضين خلال تلك الأحداث.
وقد تم اعتقال ناشطين حقوقيين وصحافيين، من بينهم شقيقة المحامية المعارضة شيرين عبادي بعد مقتل الثمانية يوم عاشوراء ومن بينهم ابن شقيق المرشح الخاسر مير حسين موسوي.
أهم ما في المشهد الإيراني هو أن النموذج الثوري الإيراني قد أصيب بالكثير من العطب وتم تلطيخه من قبل أهله أنفسهم، وأصبح له ضحايا كثر، وأيا كانت النتيجة التي سيسفر عنها الصراع الحالي، فقد زالت القداسة والرهبة عن الكثير من الرموز بشكل لم يكن في خيال أحد من قبل، وهو ما أحدث صدمة كبيرة للمعجبين بالنموذج الإيراني في خارج إيران بعد رؤية مشاهد الدم، رغم أن الكثير من هؤلاء لا يزالون يحلمون ويتمنون أن تعود الأمور إلى سابق عهدها.
فالمرشد الأعلى للثورة، تلك الشخصية ذات المكانة المعروفة في النظام الإيراني ابتعد عنه أهم مستشاروه، ومن بينهم الرئيسان السابقان هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، وابتعد عنه مهدي كروبي، المتحدث السابق باسم البرلمان، بسبب انحيازه للرئيس احمدي نجاد في الانتخابات الماضية، وعلى مدى الأشهر الستة الماضية خسر علاقات قوية مع الكثير من الشخصيات المهمة في المدن المقدسة مثل قم وأصفهان ومشهد.
كل هذا يبين أنه لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يسفر عنه الوضع الراهن في إيران، فهل تأتي الذكرى الحادية والثلاثون للثورة الإيرانية في فبراير القادم وقد حدث شيء جديد في إيران، أم أن الأمور ستمضي بشكلها الحالي لوقت أطول؟!

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .