العدد 441
الثلاثاء 29 ديسمبر 2009
banner
جهاز الأمن الإلكتروني
الجمعة 29 مارس 2024

الحمد لله أن الشوريين البحرينيين طالبوا بإنشاء جهاز للأمن الإلكتروني بعد أن أوصى بإنشائه الرئيس باراك أوباما رئيس أكبر دولة في العالم، الولايات المتحدة صاحبة السبق في احترام حرية الرأي والتعبير.
ولو كانت الدعوة لإنشاء جهاز كهذا قد بدأت من البحرين لقامت الدنيا وظلت واقفة ولأطلقت الاتهامات بالردة وبالتضييق على المعارضين، على الرغم من أن البحرين تكاد تكون في مقدمة الدول التي تعيش فوضى إلكترونية عارمة، وليست هناك حاجة، أمام أي جهة بحرينية تدعو إلى تنظيم الإعلام الإلكتروني، إلى محاكاة أحد أو اتخاذ ما قامت به أميركا في هذا الشأن كمبرر للبحرين لتطبيقه عندها. فالبحرين دولة لها ظروف خاصة، حيث تتفوق على أي مكان في العالم في الطائفية وما ينتج عنها من تلويث وتسييس لكل أنشطة المجتمع.
وفي جو كالذي تعيش فيه البحرين، يعد من العجيب أن يبقى الإعلام الإلكتروني يعمل هكذا من دون وجود قانون ينظم ما يتم بثه من خلاله ليل نهار، فهذا النوع من الإعلام يعد من دون مبالغة المصدر الأول، وربما الأخير في تشكيل وعي الجيل الحالي من الشباب، فهذا الجيل يلتصق بشبكة الانترنت ليل نهار ويشتق كل معلوماته ويبني رأيه تجاه أغلب القضايا بناء على ما يطلع عليه خلال هذه الشبكة الأسطورية التي توفر لمن يستخدمها كل ما يريده في ثوان معدودة.
لذلك يكون الأمر خطيرا عندما تصبح هذه الشبكة ساحة واسعة لتصفية الحسابات وبث أنصاف الحقائق، واستغلال عدم ثقة الشباب في وسائل الإعلام الوطنية، وحشو عقولهم بما يدمر قيمهم وولاءهم لوطنهم.
وبناء على ذلك فالدعوة إلى إنشاء جهاز للأمن الإلكتروني، ومن قبله إعداد تشريع يتناسب مع التطور التكنولوجي الذي تحقق في هذا المجال ومع ما يطرأ عليه من تغيير سريع لا يتوقف، لا تهدف إلى تضييق حرية التعبير، كما قد يظن البعض، ولكنها دعوة لوضع حد فاصل بين الحرية والفوضى.
فما يدمر قيم المجتمع ويهز السلم الأهلي ويشجع على الطائفية والعنف لا يمكن تمريره تحت مظلة حرية الرأي والتعبير، فالحرية ليست أداة لتدمير مقدرات الشعوب وقيمها. وليس من الحرية أن يتم بث ما يدعو للإباحية ويدمر القيم الإسلامية ويدعو الشباب إلى الرذيلة ويسيء للأديان والأنبياء والذات الإلهية. كما إن الخيانة العظمى وبيع الوطن واستعداء الأجنبي عليه والدعوة إلى الكفر بالعروبة وضم البحرين إلى إيران، لا يمكن مطلقا أن تمر من باب حرية التعبير، إلا إذا كانت الحرية تسمح للناس أن يسيروا عراة في الشوارع وتبرر الاغتصاب واللواط.
ولهذا فنحن نقول لمن تفضلوا بالتوصية بإنشاء جهاز للأمن الإلكتروني: لستم في حاجة لتقديم تبرير هذه الخطوة بأن أميركا أو غيرها قد سبقتنا في هذا الشأن، فكل دولة لها ظروفها الخاصة ولها أن تحمي شبابها مما يدمر قيمه وولاءه، في ظل شلال المعلومات والرسائل التي يتعرض لها شباب هذا العصر من خلال شبكة الانترنت، التي تجعل الدولة في قتال مستمر من أجل حماية هويتها وقيمها.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية