العدد 436
الخميس 24 ديسمبر 2009
banner
لماذا اقتحمت إيران العراق؟
الثلاثاء 23 أبريل 2024

بقوة صغيرة، ومن دون أدنى خسائر، اقتحمت إيران الأراضي العراقية، ليس لحماية المهدي المنتظر من الوقوع في أيدي الأميركيين الذين جاءوا بدورهم إلى العراق للقبض عليه، حسب تعبير الرئيس أحمدي نجاد، ولكن لتحقيق أهداف أبعد.
المسألة ليست انتهاكا للحدود العراقية أو دخول غير مشروع للأراضي العراقية، لأن إيران موجودة بالفعل بالعراق منذ 2003 ولها نفوذها القوي ولها حلفاؤها وعملاؤها وتأثيرها وبصماتها الواضحة على الخراب الذي حل بالعراق وأهله.
الهدف إذن أكبر وأكثر خبثا، حيث يأتي ضمن المواجهة الحالية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية حول الملف النووي الإيراني، فهذا الحدث الصغير أدى إلى جذب اهتمام العالم كله، وإلى صعود أسعار النفط، وإلى حدوث نوع من الارتباك للأميركيين وللحكومة العراقية.
ما يؤكد هذا الكلام أن إيران انسحبت جزئيا، حسبما أذيع، وبدأ الحدث في التلاشي، وشرع الإيرانيون في التقليل من قيمته.
بعض المحللين يرون فيما قامت به إيران نقطتين مهمتين: أن إيران أرادت أن تبعث برسالة للغرب وللعالم مؤداها أنها لن تنتظر حتى تقوم واشنطن بدراسة كافة السيناريوهات المحتملة في صراعها مع إيران، وأن إيران أرادت أن تبين للعالم أنها تعرف كيف ترفع أسعار النفط. وبهذا الدرس تذكر إيران الأميركيين أنها يمكن أن تتحكم بدرجة ما في مسألة تعافي الاقتصاد الأميركي.
المحللون، والأميركيون، والعالم كله، يعلمون أن إيران حتما لديها خيارات معينة إذا ما قامت الولايات المتحدة الأميركية بمهاجمتها، ويقسمون هذه الخيارات إلى ثلاث مجموعات:
-    إعاقة تدفق النفط  من مضيق هرمز والخليج العربي من خلال الألغام والصواريخ المضادة للسفن، وهذا سيؤدي إلى زيادة دراماتيكية في أسعار النفط وستكون له انعكاسات سلبية على الاقتصاد العالمي.
-    إحداث عدم استقرار شامل في العراق عن طريق حلفائها وعملائها الموجودين هناك ممن لهم خبرة كبيرة في تفجير العنف وعدم الاستقرار.
-    مهاجمة القوات الأميركية الموجودة بالعراق. 
هذا لو افترضنا أن إيران ستنظر قيام الولايات المتحدة بالخطوة الأولى في عملية المواجهة العسكرية، ولكن قد ترى إيران أن الانتظار حتى قيام الأميركيين بتوجيه الضربة الأولى خيارا خاسرا ومكلفا بالنسبة لها، وبالتالي تبادر هي باتخاذ الخطوة ردا على العقوبات الاقتصادية التي ستفرض عليها، إذا كان لهذه تأثير كبير عليها، أو استباق الضربة الأميركية التي ستكون حتمية إذا لم تؤت العقوبات ثمارها في الضغط عليها.
أما العراق فهو مجرد ورقة في أيدي الإيرانيين لن يؤخذ رأيه في كيفية استخدامه في هذا الصراع، وأما نحن في الخليج فسندفع ثمنا باهظا سواء بدأت أميركا أم بدأت إيران، وكأننا خلقنا لندفع فواتير حروب الآخرين.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .