العدد 392
الثلاثاء 10 نوفمبر 2009
banner
لغتنا العربية في خطر 2-2
الجمعة 29 مارس 2024

إكمالاً لما بدأناه في الحلقة  السابقة، نقول: صحيح أن انتشار اللغة الإنجليزية، وإهمال العربية، له علاقة كبيرة بتفوق الناطقين بالإنجليزية في هذا الزمان، في مجالات عديدة، على رأسها التكنولوجيا الحديثة، فهذا الجهاز العجيب الذي يسمى بالإنجليزية “الكمبيوتر”، الذي حاولنا عبثاً أن نسميه “الحاسوب” في لغتنا، قد سمي بكلمة إنجليزية لأن من اخترعوه ينطقون بالإنجليزية، كمـــــا أن كلمة “ المزولة” بكسر الميم وتسكين الزاي وفتح الواو، كلمة عربية تصف آلة الوقت اعتمادًا على زوال الشمس من موضع إلى آخر على مدار اليوم. وقد سميت هذه الآلة بكلمة عربية هي “المزولة” لأن العرب هم من اخترعها.
وصحيحٌ أيضاً أن سيادة لغة معينة ترتبط أيضاً بشكل جزئي بقوة وسيادة وهيمنة الناطقين بها.
وصحيحٌ أيضاً أننا لا بد أن نجيد الإنجليزية لنستفيد من الكمبيوتر والإنترنت وأشكال التكنولوجيا المختلفة.
ولكن كل هذا لا يبرر أيضاً أن نهين لغتنا العربية ونغلب عليها غيرها دون  ضرورة.
ويمكنني هنا أن أذكر بعض أمثلة قد أتت إليّ عن طريق الملاحظة اليومية لتصرفات وأفعال أهل العربية التي تضر وتهين لغتهم وهويتهم أحياناً.
من هذه الأمثلة، أن نتحدث بعضنا مع بعض كعرب، أو كبحرينيين على وجه الخصوص بالإنجليزية، أو نخلط لغتنا العربية بمفردات أجنبية فننتج لغة هجيناً مشوهة لا تضر بالإنجليزية بقدر ما تضر بلغتنا العربية.
ونحن في الخليج العربي على وجه الخصوص لدينا مؤثرات أخرى سلبية أكثر من غيرنا من الدول العربية الأخرى، لأن لدينا لغات أخرى غريبة، مرتبطة بوجود الآسيويين وغيرهم. ولقد أزعجني ابني ذات ليلة عندما أتى من خارج البيت وهو يقول: “ما في نفر بره” متأثراً بلغة الخادمة الآسيوية التي يتعامل معها لساعات كل يوم.
ومن الأشياء غير الضرورية أيضاً أن نجد كل رجال السياسة والدبلوماسيين وغيرهم يتحدثون بالإنجليزية ويلقون كلماتهم بالإنجليزية في المؤتمرات التي تعقد على أراضينا العربية، رغم أن هذه المؤتمرات بها مترجمون يمكنهم أن يحلوا المشكلة لغير الناطقين بالعربية. ما أقصده هنا هو مسألة احترام الهوية العربية، فلماذا نحن العرب مجبرون على الحديث بلغة الآخر خارج وداخل أراضينا؟ إذا كان هناك مبرر ونحن بالخارج، فما هو المبرر ونحن بالداخل، خاصةً عندما نكون في مؤتمر به مترجمون؟ 
وإن من المواقف الهزلية المضحكة أيضاَ أن تجد عربياً منا يتحدث مع “هندي” بلغة إنجليزية “مكسرة” في الوقت الذي يجتهد فيه الهندي لكي يتحدث بالعربية، حتى وإن كانت مكسرة أيضاً، وكأن العربي في هذا المشهد يشجع الأجنبي على عدم تحدث العربية وهذا التصرف من وجهة نظري، وقد أكون مخطئة، يبين عدم ثقة الإنسان العربي بعظمة لغته وجمالها، فيرد على الأجنبي بالإنجليزية، رغم أن الأجنبي نفسه يحادثه بالعربية!!
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية