العدد 383
الأحد 01 نوفمبر 2009
banner
الوطن فوق الجميع
الأربعاء 24 أبريل 2024

التنافس الانتخابي واستقطاب الجماهير له ضوابط ومعايير على مستوى العالم كله. فالحزب أو الجمعية أو المرشح المستقل له حق الدعاية وإظهار ما لديه للحصول على أصوات الناخبين، ولكل حزب أو جمعية أو مرشح مستقل أن يدعو أنصاره إلى تجمع انتخابي لممارسة الدعاية، وله أن يقدم وعوده الانتخابية وأن يبالغ فيها، ويقول إنه سيجفف الأنهار وسينقل الجبال من مكانها، أو سيحول البلاد إلى اليوتوبيا، وسيضمن للناس رغد العيش، ويضمن لكل مواطن سيارة وفيلا فاخرة ودخلا شهريا يكفيه ليعيش في أعلى مستوى، ويقضى الإجازة على شواطئ الريفيرا.
وعود وعود وعود انتخابية... ضجيج في كل مكان... ودعوة للتغيير والبناء... كل هذا وارد ومقبول ويحدث في أنحاء العالم.
لكن ما لا يحدث مطلقا في أي مكان هو الدعوة إلى إشعال النار في الوطن وحرق الوحدة والمواطنة، كما يفعل البعض لدينا. فالدعوة إلى الاصطفاف الطائفي هي في الواقع دعوة إلى تفكيك الوحدة وتغليب الولاءات الفرعية على الولاء الأساسي وهو الولاء للوطن.
أقول هذا الكلام بمناسبة الحالة المزعجة وغير المسبوقة التي نعيشها هذه الأيام حيث السباق الانتخابي المحموم بين نواب يريدون البقاء في مقاعدهم مهما كان الثمن، وبين الذين يطرحون أنفسهم كبديل.
ولأن هذه الحالة الانتخابية قد فاحت منها رائحة الطائفية بشكل غير مسبوق، وأسيء استخدام الديمقراطية إلى حد الإضرار بالمصلحة العليا للبلاد، كان لا بد لوزارة العدل أن تقوم بضبط إيقاع التنافس الانتخابي الحالي من خلال إصدار بيان يراعي مصلحة الوطن، ويدعو إلى العودة إلى التنافس الشريف الذي يبني ولا يهدم.
وزارة العدل أصدرت بيانا حول توجيه البعض الدعوة إلى اجتماع يضم جمعيات سياسية على أسس مذهبية، وأكدت فيه ضرورة الالتزام بالحفاظ على الوحدة الوطنية. هذا البيان يعكس إحساسا بالخطر ورفضا للتضحية بالمصلحة العليا للبلاد من أجل أهداف انتخابية ضيقة، ولذلك يجب على جهات كثيرة أن تعمل خلال الفترة الحالية على رفض كل ما يضر بالوحدة الوطنية، ويجب أن تكون وسائل الإعلام في مقدمة الصفوف.
ويجب على المواطن البحريني أن يكون على وعي وألا يصدق أي دعاية انتخابية تقوم على أسس غير وطنية وتعتمد على الدعوة للاصطفاف، وتقسيم أبناء الوطن إلى “نحن” و”هم”.
وكيف يمكن للناس أن يصدقوا من يطرح نفسه خلال الحملة الانتخابية على أنه طائفي، وبأنه يمثل قطاعا من البحرينيين وليس كل البحرين، عندما يصل إلى البرلمان ويقسم أنه يمثل كل الشعب وليس قطاعا منه؟
وعلى الجميع ألا ينسى أن الاصطفاف الطائفي يناقض الديمقراطية، ويؤدي بالتدريج إلى تقويضها،لأن الديمقراطية الحقيقية تقوم على اختيار الناخب للمرشح بعيدا عن أي ضغوط أيديولوجية أو طائفية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية