العدد 345
الخميس 24 سبتمبر 2009
banner
الكمال لله وحده
الخميس 25 أبريل 2024

“ حياة كل إنسان تساوي واحد صحيح” مقولة لا أنساها أبداً كلما هاجمني الضعف الإنساني وتلبدت سمائي بالغيوم، فهي عبارة تكبح النفس البشرية الساعية دوماً للمزيد الناظرة إلى ما في أيدي الناس ، التي لا تشبع مهما أوتيت من مال ومكانة ، وصدق رسول الله الذي قال “ لو كان لابن آدم جبلان من ذهب لتمنى الثالث”.
فصاحب المليار يريد مليارين ، وصاحب المليارين يريد أربعة. من لم يرزقه الله بالذرية يقول لو أن الله أعطاني ولد حتى وإن كان هذا الولد “ مخبولاً” أو فاسداً ، ومن لديه الأولاد والبنات الكثير قد لا يشكر الله على هذه النعمة .
الشعور بالنقص دوماً سمة إنسانية ثابتة لا تتغير أبداً، فقد يكون للإنسان أمنية أو حلمٌ يسعى لتحقيقه في مرحلة ما، فما أن يتحقق هذا الحلم حتى ينتاب النفس إحساس جديد بالنقص الذي يتمثل في رغبة أو حلم جديد تسعى إلى تحقيقه.
هذا الرجل الفقير الذي يتناول طعاماً بسيطاً ويلبس ثياباً بسيطة له صحة وبنيان جسدي يتمناه القادة العسكريون، إذا مرض يشفيه قرص من الأسبرين أو بصلة حقيرة تقتل ما أصابه من ميكروبات ، وإذا آوى إلى فراشه ينام نوماً لا تقدر على فعله كل مهدئات العالم.
هذا الفقير قد تكون له قدرة جنسية لو علمها علية القوم لجالدوه عليها بالسيوف، فهو في لحظة ما يشعر وكأنه يحكم العالم !!!
هذا الرجل ذو المنصب الكبير، ذو المال الوفير، والذرية الناجحة ، الوجيه الذي يبتسم له الجميع ويهزون له الرؤوس ، عندما يحاول أن يعيش اللحظة التي يعيشها ذلك الفقير، يعود مهزوماً كالملك المغلوب حسب تعبير الشاعر الكبير نزار قباني . هو غني لاشك ويستطيع حسب تعبير نزار أيضاً أن يعشق كل نساء الأرض ولكن دون جدوى.
هذه المرأة مديرة ذات مكانة واحترام ويخشاها مرؤوسوها ويحرصون على إرضائها ويصفون كل ما يصدر عنها بأنه حكم مأثورة ، ولكن كل هذا الخضوع الذي يقدمه لها هؤلاء المتملقون لا يساوي ربع لحظة يمكنها أن تحلق فيها في آفاق المتعة الجسدية التي حرمت منها، إما بحكم عدم قدرة شريك الحياة على صنع هذه اللحظة ، أو لأنها ليس لها شريك من الأساس.
كل هذه الأمثلة تؤكد شيئاً واحداً وهو أن الإنسان لا يستطيع أبداً أن يحصل على كل شيء، فلابد أن يكون هناك نقص يسعى دوماً إلى إكماله. والسعي إلى إكمال النقص ليس بالشيء المعيب، لأنه يجعل الإنسان يستمر في الحياة ويمارسها ، ولكن الشيء الضار الذي يدمر الإنسان هو عدم الرضا بالحالة التي هو عليها بما فيها من نقص حتمي.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .