العدد 336
الثلاثاء 15 سبتمبر 2009
banner
الصين تستحق التهنئة
الخميس 28 مارس 2024

“الصينيون قادمون”... عبارة صادقة ومستحقة في وصف ما وصل إليه الصينيون من تقدم في صناعة كل شيء وبكميات كبيرة. هي عبارة مستحقة في وصف الصينيين الذين حولوا الزيادة الأسطورية في عدد السكان إلى جحافل وجيوش غزت العالم في جميع مجالاته، على العكس من دول كثيرة تعتبر زيادة السكان نقمة وتتخذها مبرراً لتأخرها في مجالات كثيرة...
جاءتني هذه الخاطرة عندما قرأت في الصحف الأسبوع الماضي أن منظمة الصحة العالمية قدمت التهنئة للصينيين بعد أن تمكنوا من إنتاج لقاح من جرعة واحدة لفايروس انفلونزا الخنازير، ذلك الفايروس الذي أصاب العالم بالهلع وحرّم على الناس تبادل القبلات، وجعل الشفاه – التي طالما تفنن الشعراء في وصف عذوبة مذاقها- منطقة ألغام! يحظر الاقتراب منها لمن أراد أن يظل سالماً...
ما نتمناه من الله أن تستخدم الصين كل إمكانياتها العلمية والبشرية في سرعة إنتاج كميات كافية من اللقاح الجديد، وبالسعر الصيني طبعاً، الذي لا ينافس، كما فعلت في بقية السلع، لكي نتمكن من غزو العالم بسلعة جديدة، وهو غزوٌ سيكون رائعاً ومرحباً به من كل دول العالم، وخصوصا الدول النامية والفقيرة التي يتوقع لها أن تعاني بشدة من هذا الفايروس القادم من الغرب.
إذا حدث ذلك فسيكون بحق أجمل دعاية للصين في تاريخها؛ لأن فيه إنقاذًا للبشرية وإسعادًا لها، في مقابل ما تقوم به دول أخرى من تلويث للبيئة وتدمير للكائنات وتسبب في زيادة درجة حرارة الأرض.
إن ما قامت به الصين خلال السنوات الماضية يؤكد أن هناك بشرًا يفكرون وينتجون طوال الوقت ويعرفون ما تحتاجه شعوبنا على وجه الدقة أكثر من معرفة هذه الشعوب نفسها بما تحتاجه، ولذلك لم يتردد الصينيون في صناعة سلع ومنتجات ارتبطت تاريخياً بثقافات وحضارات معينة، ويفترض أن مخترعي هذه المنتجات هم الأقدر على صنعها بتكلفة أقل وتقديمها لمن يريدها بسعر مناسب. ولكن الصينيين أنتجوها وقدموها بسعر أقل من أهلها الذين ارتبطوا بها منذ مئات السنين، مثل المسابح وسجادات الصلاة وغيرها...
وكانت النتيجة أن أصبح كل شيء مكتوباً عليه “صنع في الصين”، حتى أعلام الدول التي يفترض أن تكون وطنية خالصة في كل شيء. وقد يعجب القارئ من مسألة “أعلام الدول على وجه التحديد” ما لم يكن قرأ ما كتبه الكاتب المصري صلاح منتصر في جريدة الأهرام عن شاب مصري قام بشراء علم من بائع في الطريق، وعندما تفحص هذا العلم وجد أنه مصنوع في الصين!
هذه القصة لها دلالة كبيرة جداً، فهي تبين بالفعل أن الصينيين يعرفون احتياجاتنا أكثر من معرفتنا نحن بها، وهذا بالطبع نتيجة لعبقريتهم في دراسة احتياجات السوق في بلادنا.
بيد أن آخر ما قرأته في مجال الابتكارات الصينية، وصناعة ما تحتاج إليه شعوبٌ أكثر من غيرها، هو الإعلان عن قيامهم بصناعة “غشاء بكارة” بسعر مناسب جداً.
فهل قام الصينيون بدراسة السوق وعرفوا من هي الشعوب التي ستحتاج لهذا المنتج أكثر من غيرها؟ مما لاشك فيه أن هذا المنتج موجه لشعوبنا دون غيرها، ليس لأننا – لاسمح الله- أكثر شعوب الأرض انحرافاً، ولكن لأن الصينيين على يقين بالطبع أن فقدان الفتاة لهذا الشيء يعني فقدانها لأثمن ما تملك، فهو يتساوى مع فقدان الشرف والعفة، مهما كان سبب فقدانه، ولذلك صنعوه لنا؛ لأنه من غير المنطقي أن يتم توجيهه إلى دول يعتبر فيها فقدان الفتاة لهذا الغشاء علامة من علامات الجودة!!
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية