العدد 301
الإثنين 10 أغسطس 2009
banner
محاكمة بنطلون 1 - 2
الجمعة 29 مارس 2024

هناك أحداث قد تبدو بسيطة فى عالمنا العربي ، ولكن هذه الأحداث يتم تلقفها وتضخيمها من قبل إعلام غربى منحاز أصلا ضد كل ماهو عربي وماهو إسلامي.
هذه الأحداث قد يقوم بها صانعوها بحسن نية أو يتم توريطهم فيها من قبل بعض الخبثاء الساعين للإثارة ، ولكن النتيجة واحدة في كل الأحوال وهى الإساءة للإسلام والمسلمين.
الإعلام العربي حاول توظيف مقتل مروة الشربينى على يد متطرف ألماني ليبين أن العنصرية هناك في الغرب وليست في الإسلام وأهله، ولكن لم تكد الحملة الإعلامية العربية الإسلامية تنتهى حتى فوجئنا بنبأ تقديم الصحفية السودانية لبنى الحسين للمحاكمة بتهمة ارتداء بنطلون.
ومع تقديم كل الاحترام للقانون السوداني الخاص بالحشمة، فقد كان هذا الخبر بمثابة صدمة للعرب قبل الأجانب لأن قطاع كبير من النساء العرب يرتدين البنطلون، ومن بينهن كثيرات فى منطقة الخليج التى هي محافظة ، ربما اكثر من غيرها من المناطق.
هذه الصدمة ترجع ربما إلى غرابة التهمة ، مع احترامي للحشمة والداعين إليها.
الحشمة شيء طيب لا بأس ، ولكن المشكلة هنا ها في التوظيف الإعلامي الذي شهدناه لهذه الحادثة ، خاصة في الإعلام الغربي. فكثير جدا من الفضائيات ومحطات الإذاعة المعروفة عالجت هذه الحادثة بدرجة كبيرة من التهكم والنقد ، ولم يكن التهكم فقط من ضيوف البرامج ولكن حتى مقدمي البرامج في هذه الفضائيات كانت لهم وسائلهم في التهكم الذي لا يسيء فقط للدولة السودانية ولكن يسيء للعربي وللمسلم.
وللأننا فى عصر الفضائيات العجيب ، فالخطأ الصغير يتحول فى دقائق إلى فضيحة بجلاجل تعم الكرة الأرضية كلها. وهذا هو ما جعل بنطلون لبنى الحسين يصبح كحذاء منتظر الزيدى من حيث الشهرة. و مع الفرق طبعا فى السبب والنتيجة ، إلا أنه يبدو أن الأحداث العربية الأكثر غزوا لفضاء العالم هذه الأيام قد أضحت مرتبطة بالأحذية والسراويل وما شابه ذلك، ونتمنى ألا يأتي المستقبل القريب بمحاكمات لقطع أخرى من الملابس.
هذه الفضيحة الإعلامية التي نتجت عن محاكمة لبنى الحسين يجب أن تعطينا درسا هاما و هو ضرورة أن يأخذ المسؤولون الحكوميون ورجال الدين المسلمين في اعتبارهم أنه لم يعد في الإمكان إخفاء أي حدث في ظل تكنولوجيا الاتصال الحديثة ، وقد رأينا كيف خرجت الصور التي نقلت أدق التفاصيل في الأحداث الأخيرة في إيران عقب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، وبالتالي لابد أن يحسبوا لكل حادثة حسابها مهما استصغروها لأن هناك من سيطيرها في دقائق ولا سبيل لمنعه.
وحتى تكتمل الفكرة ، فلم تكن المسألة بالنسبة لمحاكمة الصحفية السودانية هي مسألة الحق والباطل أو مسألة من الظالم ومن المظلوم أو من الذي خالف القانون، ولكن المسألة هى عدم إدراك العواقب الإعلامية للحادثة. وقد رأينا أن الإعلام العربي نفسه لم يقتنع بالتبرير السوداني لما حدث رغم أن هذا التبرير استند إلى وجود قانون يجب احترامه، فكان رد الفعل هو التهكم على الحادثة من قبل هذا الإعلام- رغم أنه إعلام إسلامي أو هكذا يفترض- فما بالنا بالإعلام الغربي الذي لا شأن له بقيمنا أو ديننا، والذي يبحث ويدقق عن أسباب للتلطيخ لكل ماهو عربي أو مسلم.
وللحديث بقية.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .