العدد 289
الخميس 30 يوليو 2009
banner
هل تتحول الدجاجة إلى بطة؟
الخميس 25 أبريل 2024

لا يزال أمامنا ما يقرب من عام حتى يأتي موعد الانتخابات البرلمانية في البحرين، ومع ذلك بدأ الضجيج الانتخابي ينتشر في أرجاء المملكة أسرع من انتشار أنفلونزا الخنازير في بريطانيا.
ماكينات التنظير والتصريحات انطلقت بحماس في المجالس وفى الصحف تحلل ما تراه قصورا أو أخطاء لدى المجلس الحالي،وتطرح البديل الذي تراه سيحقق أحلام الجماهير على الأرض.
ولكن الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها طويلا في البحرين- مهما كانت الدعاية ومهما كان التنظير – هي أن الخريطة السياسية البرلمانية غير قابلة للتغيير أو حتى التعديل إلا بشكل طفيف ، قد يتمثل في خسارة هذا التكتل أو ذاك مقعدا أو مقعدين على الأكثر .
قد تتغير كل الوجوه أو بعض الوجوه، ولكن الفكر سيظل هو الفكر والأداء سيظل هو الأداء بلا تغيير.
ذلك لأن الاصطفافات الحالية التي نعيشها تهزم كل شيء، تهزم التغيير، وتهزم الأداء البرلماني  المفترض، وتجعل مصالح المواطنين هي آخر ما يتم التفكير فيه من قبل بعض التكتلات. فهناك كتل لم تقدم للذين انتخبوها على مدى السنوات الثلاث الماضية سوى الضجيج ومحاولات الانتقام والانقضاض وتصفية الحسابات مع الغير. ومع ذلك عندما تقوم هذه الكتل بإطلاق صافرة الاصطفاف مرة أخرى سيسارع الذين سارعوا من قبل للتمترس خلفها  مدفوعين بالعناد أو باللاوعي.
الأداء البرلماني لن يصل إلى المستوى المطلوب طالما أن أكبر كتلة برلمانية منفردة تنظر للبرلمان فقط على أنه نقطة انطلاق إلى أهداف بعيدة وأجندات لا تتصل بمصالح المواطنين. الانتخابات أداة للتغيير وليست أداة للانقضاض وإزالة الغير كما يفكر بعضنا.
ستظل الخريطة البرلمانية – إن صح هذا التعبير – كما هي عليه ، لأن ترتيب الأولويات مقلوب لدى البعض دونما تفكير في مصالح الناس الآنية، ولأن الاصطفاف سينتج عنه اصطفاف مقابل.
قد ترفع شعارات من قبيل أننا نمثل المواطنين على اختلاف مشاربهم، أو أن النائب عندما يتم انتخابه يصبح ممثلا لكل الشعب وليس فقط أبناء دائرته أو فئته، ولكن كل هذا سيظل كلاما بلا معنى ، فالأيديولوجيات ستهزم كل هذا.
هذا المشهد البحريني الفريد ، بمكوناته التي نعرفها جميعا ، لا بد أن يكون له ضحايا.
أقصد هؤلاء الذين لا يذهبون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، وبالتالي لا يمكن لهم نيل شرف مقعد بالبرلمان مهما كان  إخلاصهم للوطن والمواطن. وإذا حدث وأفلت أحدهم فسيكون ذلك بمقتضى حسابات انتخابية لأحد الأطراف الأساسية.
أما الضحية الأهم لهذا المشهد ،فهي المرأة البحرينية، التي لا ينتظر لها أن تتقدم قيد أنملة، ليس لأنها لا تجتهد أو لا تستحق لا سمح الله ، ولكن لأن مكونات ذلك المشهد ستؤدى إلى وأد أي محاولة للتقدم من قبلها. وبالتالي لن يكون أمام المرأة البحرينية في الانتخابات القادمة إلا أن تحمد الله على المقعد الذي حصلت عليه من قبل ، إن قدر له أن يبقى.
الصورة إذن ستظل كما هي ، ولن تتغير إلا إذا تغيرت جمعية الوفاق وقامت بترتيب أولوياتها بالشكل الذي يسمح بتطبيقها على أرض الواقع. وما عدا ذلك لن يكون بوسع أي دعاية أو بوسع أحد أن يغير الخريطة حتى  إن استطاع أن يحول الدجاجة إلى بطة.


 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .