العدد 287
الثلاثاء 28 يوليو 2009
banner
مقال سمو ولي العهد
السبت 20 أبريل 2024

مقال سمو ولى العهد في جريدة الواشنطن بوست الأمريكية لا يمت للتطبيع بصلة  كما حاول البعض من المتشككين ، بدرجة من الخبث الذي يجيده الكتاب الكبار المتمرسين ، أن يصوروه.
إن مخاطبة شعب معين بشكل مباشر عبر وسائل الإعلام، حتى وإن كان هذا الشعب ينتمي لدولة معادية ، لا يعد تطبيعا أو استسلاما أو أي شيء آخر سوى أنه رسالة إعلامية لها هدف محدد. فلو كان التواصل الإعلامي مع شعوب الدول المعادية تطبيعا ، لما مارست الدول المتحاربة الدعاية والحرب النفسية أثناء الحرب للتأثير على شعوب بعضها البعض، ولما احتاجت الولايات المتحدة إلى أن تبدأ دعايتها وغزوها لعقل المواطن العراقي والعربي قبل أن تبدأ غزوها للعراق.
أعلم أن مقترح سمو ولى العهد لا يندرج تحت المثال السابق ولا يعد حربا نفسية، ولكنني أردت أن أدلل مبدئيا على أن مخاطبة شعوب الدول المعادية ليست أمرا محرما أو غير معروف، وأنه ليس من قبيل الاستسلام أو التوقيع على بياض.
لا بد لنا أن نضع الأمور في سياقها الصحيح إذا أردنا أن نحكم عليها حكما علميا بعيدا عن الهواجس وسوء الظن. ما ذكره سمو ولى العهد يعبر عن فهم سياسي متقدم وعميق لتطور الأمور ، ليس فقط على المستوى الإقليمي ، ولكن أيضا على مستوى الداخل الإسرائيلي. فالكل يعلم أن حكومة يمينية متشددة قد أتت إلى الحكم في إسرائيل بموجب انتخابات . وهذا يعنى أن الشعب الإسرائيلي اختار التشدد والتطرف وانحاز بنسبة أكبر لمن يرفضون وقف الاستيطان ويماطلون في الاستجابة لمطالب السلام.
وبناء عليه – ونحن في عصر الفضائيات – فإن مخاطبة هذا الشعب الإسرائيلي تعد ضرورة وتعد فكرة متقدمة، بل تعد اختراقا كبيرا إذا استطعنا أن نمتلك الأدوات التي تحقق أهداف هذه المخاطبة.
وإذا كان لنا أن نتشكك في شيء في هذا الإطار فلنا أن نتشكك في قدرة الإعلام العرى  على صنع هذا الاختراق. ذلك لأن تحقيق هذه التوصية المتقدمة لسمو ولى العهد ، يحتاج إلى إعلام عربي يمتلك الأدوات والكوادر البشرية التي تستطيع أن تصنع خطابا إعلاميا يكون قادرا على الوصول إلى العقل الإسرائيلي المحاط بأسوار عالية من الرفض والكره صنعتها مناهج التعليم ووسائل الإعلام الصهيونية.
المشكلة لدينا هي أن الإعلام العربي رغم الإمكانيات المادية الكبيرة لا يزال غير قادر على صنع خطاب إعلامي يصلح للبث خارج حدودنا . فليست المسألة هي إقامة فضائيات ناطقة باللغات الأجنبية وحسب، ولكن المسألة مسألة مضمون يتناسب مع الثقافات الأخرى التي نود أن نخاطبها.
لذلك فأنا أقول أن اليوم الذي تستطيع فيه الفضائيات العربية المغرقة في المحلية أن تصل إلى عقل المواطن الإسرائيلي  سيكون يوم نصر لهذه الأمة ،وليس يوم تطبيع.
ألم تكن آلة الدعاية الإسرائيلية على مدى سنوات طوال هي أسوأ سلاح يستخدم ضد مصالح العرب وضد القضية الفلسطينية على وجه التحديد؟ ويجب ألا ننسى في المقابل أن التغير النسبي الذي طرأ على الرأي العام العالمي إبان العدوان الإسرائيلي على غزة لم يأت من فراغ ولكن كان وراءه جهد إعلامي وحسن استخدام يبشر بالخير لشبكة الإنترنت التي عن طريقها عرف الشباب في أنحاء العالم مدى البشاعة التي ترتكب في حق الإنسانية.
المقترح البحريني الذي أوصى به سمو ولى العهد ، من وجهة نظري، لا يهدف إلى أكثر من أن نصل إعلاميا بوسائلنا نحن للمواطن الإسرائيلي ونطرح قضيتنا بالمضمون الذي نراه.أما قدرتنا على النجاح فى ذلك فمسألة لا تتعلق بالمقترح ولكن بإمكانياتنا الإعلامية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية