العدد 278
الأحد 19 يوليو 2009
banner
ضجة الجامعات الخاصة
الجمعة 29 مارس 2024

لا أدري لماذا انزعج القائمون على الجامعات الخاصة بالمملكة إلى هذا الحد ، عندما أصدر التعليم العالي قراراته الخاصة بضرورة تصحيح هذه الجامعات لأوضاعها. لقد وصل الأمر بالبعض إلى حد التشكيك في الهدف من وراء هذه القرارات واتهام من أصدرها بالتحيز لهذا دون ذاك، وهذا أمرٌ لا يفيد هذه الجامعات ولا يفيد سمعتها ولا سمعة التعليم في البحرين.
فالتعليم العالي أيها السادة ليس له مصلحة خاصة من هذه القرارات، ولكن المصلحة الوحيدة هي التعليم ولسمعة هذه الجامعات ، وللتعليم في البحرين بشكل عام.
لذلك كان من الواجب أن يأخذ القائمون على هذه الجامعات هذه القرارات بصدر رحب ويحاولوا تصحيح أوضاعهم بعيداً عن أية ضجة إعلامية ، لأن هذه الضجة في تصوري أساءت إلى سمعة التعليم الخاص وجعلت كل من يقرأ أو يسمع عن هذه الضجة يصاب بدرجة كبيرة من الشك في مستوى هذه الجامعات وجدواها.
التعليم هو الأساس في تقدم الأمم ورقيها ، إذا صلح فقد صلح كل شيء، وإذا فسد فقد فسد كل شيء. وفساد التعليم يختلف عن فساد أي قطاع آخر لأن آثار هذا الفساد يمتد لعقود لا تنتهي حتى بإصلاح التعليم، لأن من تخرجوا يصبحون هم القادة والأطباء والمهندسون والمعلمون لسنوات طويلة قادمة ، وعليه فإن فساد التعليم هو الأشد خطورة عن غيره، فكل معلم يتخرج في ظل نظام تعليمي غير جيد لن يكون سوى بعير أجرب لا ينقل لغيره سوى هذا الجرب.
وإصلاح التعليم لا تتضح آثاره بشكل فوري أو سريع ولكنها تتضح عندما يصبح من تخرجوا في ظله هم المسئولون عن كافة شئون البلاد في دولة من الدول.
لم يكن غريباً أن تفقد الجامعات العربية سمعتها على مستوى العالم وأن لا تحتل أي مكان متقدم خلال أي تقييم عالمي لمستوى هذه الجامعات، ذلك لأن كثير من هذه الجامعات أصبحت كالمخابز التي يطلب منها إنتاج عدد معين من أرغفة الخبز خلال اليوم الواحد، فينصب اهتمامها على  العدد فقط دون مراعاة لإنتاج رغيف محروق أو معوج . وهكذا أصبحت المسألة بالفعل تخريج أعداد وفقط.
وعلى  الجميع منا أن يسأل نفسه: هل طبيب اليوم قد أصبح كطبيب الأمس، وهل المعلم اليوم على نفس المعلم الذي كان موجوداً منذ عشرين عاماً ؟ بل لننظر للهاتف النقال الذي في أيدينا ، ولننظر إلى الكمبيوتر المحمول الذي ننجز به عملنا اليوم ونسأل أنفسنا عن التعليم الذي صنع العقليات التي صنعت هذين الاختراعين وغيرهما، ولنسأل أنفسنا ماذا صنع التعليم في عالمنا على مدى سنين طويلة.
إن إصلاح التعليم عمل وطني ولابد من تقديم التحية والتقدير لمن يقوم بذلك بدلاً من التشكيك فيهم.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية