العدد 266
الثلاثاء 07 يوليو 2009
banner
كـله صيني..
الجمعة 29 مارس 2024

إدخل إلى محل للإلكترونيات ، أو الكمبيوتر المحمول، أو الهاتف .. إدخل محل للملابس.. بل إدخل محل للمسابح، وأسأل عن شيء ليس مصنوعاً في الصين، سيبتسم لك البائع الهندي مشيراً بكلتا يديه: “ أوول فروم تشيينا” .
وإذا تجولت في المحل فستتأكد بالفعل أن كل شيء صنع في الصين ، وأن الشيء الوحيد الذي ليس صينياً في المحل هو العامل الهندي!
الصين صنعت كل شيء حتى فوانيس رمضان التي يلعب بها الأطفال المصريون.  الصين تبيع والعالم كله يشتري. جاءتني هذه الخاطرة وأنا أتابع محاضرة من المحاضرات الجادة والمفيدة التي تعودنا عليها من مركز البحرين للدراسات والبحوث ، حيث النشاط المتواصل للمركز تحت رئاسة الرجل الفاضل الدكتور محمد بن جاسم الغتم والجهد الكبير للدكتور عبدالله الصادق والدكتور محمد نعمان جلال.
في هذه المحاضرة قدم كل من الدكتور الصادق والدكتور نعمان شرحاً مركزاً لكيفية الصعود الصيني الكبير والفائض المالي الهائل الذي أنجزه هذا البلد والذي جعله يتحدث والعالم كله يستمع إليه، بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي.
المحاضرة قدمت رؤية بحرينية متقدمة حول آفاق التعاون البحريني الصيني خاصةً وأن البحرين تسعى لكي تكون مركزاً مالياً في الشرق الأوسط، والصين لديها احتياطات ماليه ضخمة ، وهي مسألة يجب التركيز عليها في علاقات البلدين، حيث البحرين في حاجة لزيادة حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ولاشك أن العالم كله سيخطب ود الصين ويسعى للحوار معها، ذلك الحوار الذي سارعت إليه الولايات المتحدة نفسها منذ عهد رئيسها السابق بوش.. وهذا السعي العالمي للشراكة مع الصين ليس غريباً ، فرغم كونها دولة شيوعية إلا أنها في نفس الوقت القوة العالمية الأولى في الاحتياطي النقدي الأجنبي ، فهي تملك أكثر من 2 تريليون دولار.
ولقد أثبتت الصين أن المسألة ليست مسألة أيدلوجيا فكرية أو اقتصادية وليست مسألة أفكار ولكن المسألة مسألة من الذين ينفذون هذه الأفكار على الأرض.
ألم نر جميعاً أن الأزمة المالية العالمية التي جعلت العالم الرأسمالي يركع على ركبتيه، لم تكن بالنسبة للصين أكثر من تخفيض ضئيل ومؤقت لقطار الاقتصاد الصيني السريع؟!
ولكن أهم ما أعجبني في المحاضرة هو أن الصين تعمل في صمت ولا تطلق آلات البروباجاندا الصاخبة لتتحدث عن الإنجازات التي تحققها رغم ضخامة هذه الإنجازات على أرض الواقع، وكذلك تخلصها من ذكريات الماضي البغيض ومن الحديث عن نظريات المؤامرة واتخاذها شماعة لتبرير الفشل كما تفعل دول كثيرة.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .