العدد 196
الثلاثاء 28 أبريل 2009
banner
الانتخابات على الأبواب...
الخميس 25 أبريل 2024

اقتربت الانتخابات، وبدأ الجميع يشحذون الهمم، ويشدون المئزر، ويسبكون الشعارات التي تشنف الآذان، وتزلزل الكيان ليجمعوا الأتباع والمريدين الذين يأخذون بيدهم إلى مقعد في مجلس النواب. وهذا شأن جميع النواب في عالمنا العربي العريض؛ إذ يبذل المرشح جهداً رهيباً ويبدي من التواضع والاحترام قدر المستطاع، ويخفض جناحه للجميع، فيزور المريض، ويعزي في الميت، ويعد الجميع بأن يأتي لهم بلبن العصفور، وأن يجفف الأنهار، وينقل الجبال من مكانها، وأن يعمل على سد ثقب الأوزون، وبعد أن يصل إلى هدفه، تجده شخصاً آخر.
حكى لي أحد المصريين (والمصريون أهل نكتة) - ساخراً على ما يقوم به النواب في مصر قبل انتخابات مجلس الشعب- بأن المرشح يذهب إلى النجوع والبلاد الفقيرة التي لم يزرها في حياته ويجلس في بيوت الفقراء، وإذا قال له أحدهم معتذراً إن البيت لا يليق بمقام سيادته، يرد عليه بحماس: “السبع يسكن في غابة”. يجعل من هذا الفقير المسكين سبعاً والسبع لا يعيبه أن يكون بيته متواضعاً فقيراً، وعندما يأتي له هذا الفقير بكوب من الشاي يشربه وهو (لايعه كبده)، ومع ذلك يقول: الله، الله... ما شربت ألذ من هذا الشاي في حياتي. وإذا علم المرشح وهو في أقصى درجات الإرهاق أن حمار أحد الفلاحين قد أصابته وعكة صحية يهرع للاطمئنان عليه. ثم بعد أن ينجح في الانتخابات لا يجد له الناس أثراً ولا يظهر لهم مرة أخرى إلا بعد انتهاء مدة البرلمان بعد أربع سنوات ليبيع لهم الوهم مرة أخرى. وما أضعف ذاكرة الناخب العربي الذي تسعده الكلمات الجوفاء، مثل: “السبع يسكن في غابة”، وينشكح عندما يأتي النائب المبجل لزيارة حماره المزكوم!
ونحن في البحرين لسنا استثناء ضمن هذا العالم العربي، فلدينا النواب يجتهدون في زيارة المجالس وإعداد “البشت” الجميل الذي يليق بالمقام مقدماً ويصنعون للناس عالماً من الأحلام الجميلة التي لا يتحقق منها شيء بعد أن تظهر نتائج الانتخابات، والفرق بين نوابنا ونواب الدول العربية الأخرى حجم مساحة البلاد؛ إذ إن نوابنا لا يحتاجون إلى جهد كبير في تقديم واجب العزاء والاطمئنان على المرضى والعناية بشؤون الفقراء وحميرهم!
وإلى اللقاء في العمود المقبل مع مزرعة الحيوان لجورج أورويل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية