العدد 864
الجمعة 25 فبراير 2011
banner
التدخل الاميركي بين الاحلام والعقبات؟ د.محمد المحاسنه
د.محمد المحاسنه
تحليل إخباري
الجمعة 25 فبراير 2011

ما بين احتمالات الحسم الشعبي في ليبيا وصمود النظام وقدرته على البقاء والتهديد ، تلمع في الذهن الاميركي فرصة سانحة مغرية لا يمكن مقاومتها ولا يكبح جماحها الا الخوف من المستنقع الليبي بعد العراقي ، وعدم قدرة اميركا على الغزو من جديد بعد ان وضعتها الحروب على حافة الافلاس منذ العام 2001 ، الاحلام الاستعمارية الاميركية تلمح من تصريحات عضو الكونغرس جون كيري الذي يراس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي الذي المح الى تدخل الامم المتحدة وامكانية تدخل المجتمع الدولي .
والحق يقال بانه لو ان الامر الحاصل في ليبيا الان كان على عهد بوش الابن لكان استعمال الفصل السابع من قبل مجلس الامن ثم تجييش الجيوش بزعامة اميركا من اجل وضع يد اميركا على النفط الليبي بعد العراقي امر واقع ولكن بحجة حماية المدنيين من بطش النظام الحاكم في هذه المرة ، لكن العوائق التي تقف في وجه اميركا هذه المرة اقوى من المغريات فاميركا تريد ان تخرج من ثوب العدو للعالمين الاسلامي والعربي في عهد اوباما ، واميركا غير قادرة على الحروب المكلفة من جديد لان الحروب جعلتها قريبة من الافلاس او على وشك ، وليبيا ايضا شيء اخر غير العراق ، فالعراق كان مسجلا على انه منطقة تنافس اميركي بريطاني وقد اتفق الطرفان بوش وبلير على التقاسم ، لكن ليبيا ليست كذلك فليبيا هي مصدر البترول لاوروبا وتجارة ليبيا شبه حصرية مع اوروبا ورغم ما حصل من علاقات مع الولايات المتحدة في هذا الخصوص الا ان ذلك لم يغير من كون ليبيا منطقة مصالح اوروبية لن يسمح لاميركا بالتدخل فيها على مراى من الاوروبيين ودون رضاهم .
لقد المح وزير الخارجية المصري ابو الغيط الى احتمالالت التدخل الاميركي في ليبيا الا ان ذلك التقدير من ابو الغيط على الارجح بنى على تصريحات جون كيري .
التدخل الاميركي في ليبيا الان يعني ان اميركا تريد حسم صراعها الاقتصادي مع اوروبا بسيطرتها على القرار النفطي في معقل المنابع التي تغذي اوروبا بالنفط ، هذا التدخل لو حصل سيكون حربا معلنة من الدولار على اليورو واحتلال للاسواق التي تعتمد عليها اوروبا في افريقيا ، لم تكن افريقيا في يوم من الايام منطقة نفوذ اميركي وليس من السهل على الاميركيين ان يفكروا بغزو ليبيا بحجة واهية وهي حماية الشعب من النظام ، فهذه حجة لا ترقى الى تبرير الاحتلال لبلد عربي آخر ، لقد اضطر بوش وبلير الى الكذب من اجل خلق مبررات الحرب على العراق واحتلاله عام 2003 والكذب الآن في موضوع ليبيا لا يمكن ان يؤدي الى نفس النتائج التى ادى اليها بخصوص العراق.
العوائق في وجه اميركا اكبر من ليبيا ايضا وهي ان ليبيا اصبحت محاطة بثورتين شعبيتين في تونس ومصر ومثل هذه الثورات ستجد اميركا انها بمواجهتها لو اقدمت على احتلال ليبيا .
زيادة على ذلك فان احتلال ليبيا يحتاج حتى يتم تفاهما اوروبيا اميركيا لن يحصل بسهولة وكذلك خلق اكاذيب ليس من السهل صناعتها بعد الحرب على العراق وكذلك استصدار قرارات دولية وعلى الارجح ان الامر في ليبيا لن ينتظر حتى تتمكن اميركا من تحضير ذلك كله فعلى الارجح ستحسم الامور هناك خلال ايام قليلة وستعود ليبيا ليست بحاجة الى خلق اي اقاويل او اكاذيب من اجل التدخل فيها .

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .