العدد 2599
الخميس 26 نوفمبر 2015
banner
تفجيرات باريس... تخلط الأوراق في سوريا د.محمد المحاسنه
د.محمد المحاسنه
تحليل إخباري
الخميس 26 نوفمبر 2015



بعيدا عن نظرية المؤامرة تعتبر تفجيرات سان دوني شمال باريس نقطة تحول لمسارات الحرب في سوريا، والأكثر من هذه التفجيرات تأثيرا في هذه الحرب كان الاستغلال الغربي الذكي لآثارها الذي وصل الى درجة استصدار قرار من مجلس الامن لإعلان حرب عالمية وحلف عالمي موسع ضد تنظيم الدولة، والأمر لا يصل الى درجة اننا سنتهم الغرب في تدبير هذه التفجيرات فالأمر لا يتعدى انهم ينتظرون طويلا وقوع الخطأ من قبل الغير فيحسنوا استغلاله على اقصى درجة ممكنة.
الغرب أحرج روسيا بتركيز الانظار على اعداد القتلى وحالة الرعب التي سادت فرنسا وبلجيكا على الخصوص والغرب على العموم، التحالف الغربي الجديد الذي سيضم دولا اخرى غير غربية سيسعى الى التفاهم مع روسيا لتكون جزءا من هذا التحالف وهذا الأمر غير مستبعد البتة لأن الخاسر الوحيد في هذا التحالف او هذه الحرب العالمية التي سيكون مسرحها سوريا وشمال وشرق العراق هو إيران على الارجح لأن المنافس الوحيد على الكعكة السورية لروسيا هو إيران بالدرجة الاولى وإذا ما خيرت روسيا في النهاية بين كسب الود الغربي عموما وكسب حصة ايران المنتظرة وتقاسم الكعكة مع الغرب فنعتقد أن الروس لن يترددوا في ذلك. والأمر ليس مستبعدا من هذه اللحظة فهنالك تباين واضح بين الموقفين الروسي والايراني على مستقبل سوريا، خصوصا فيما يتعلق بمستقبل بشار الأسد، فروسيا ليست متمسكة كدولة كبرى امام العالم بشخص بشار الذي يمكنها ان تعتمد على غيره، في حين ان ايران وضعت كامل بيضها في سلة بشار الأسد وتراهن عليه، ورغم لقاء بوتين وخامنئي الذي اعلنت فيه المجاملات الا ان الموقف المتباين بين الطرفين لم يعد خافيا على أي صاحب بصيرة.
الحرب العالمية المقبلة التي تعتبر الآن على الارجح في مرحلة اعداد التحالفات ستبدأ في مطلع الصيف المقبل عندما ينتهي فصل الشتاء وتصبح الأجواء كلها مكشوفة، وعلى الارجح ان هذه الحرب ستستغل وربما ستكون لإسرائيل فيها فرصة لترتيب أوضاع جديدة ضد الفلسطينيين. هذه الحرب ستخلط فيها اوراق تنظيم الدولة مع اوراق مستقبل بشار الأسد ولن تظهر اهدافها الحقيقية غير المعلنة الا بعد ظهور النتائج بانتهاء الحرب.
 ونعتقد أنه في الأردن يجب أن تتخذ كل الاحتياطات اللازمة لتلافي آثار هذه الحرب على الأردن بأقل قدر ممكن من الكلفة سياسيا وأمنيا واقتصاديا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .