العدد 2484
الإثنين 03 أغسطس 2015
banner
حرق علي بعد أبوخضير... مسؤولية من؟ د.محمد المحاسنه
د.محمد المحاسنه
تحليل إخباري
الإثنين 03 أغسطس 2015



الجمعة الماضية أحرق غلاة المستوطنين الصهاينة الطفل علي دوابشة من قربة دوما جنوب نابلس، وهو الرضيع الذي لم يتجاوز السنة والنصف من العمر، وعلي هو الثاني بعد أبوخضير الذي أحرق وهو على قيد الحياة حتى الموت، رئيس السلطة الفلسطينية اعلن بعدها عن النية لإرسال ملف قضية حرق الرضيع الى محكمة الجنايات الدولية واكتفى بذلك دون ان يعلن عن اي قرار سياسي، وهذا معناه ان كل شيء سيبقى على ما هو عليه من الجمود المخجل وفقدان كل الخيارات الأخرى واستمرار التنسيق الأمني وجمع الأسلحة من الفلسطينيين وإفقادهم القدرة على الدفاع عن انفسهم ضد هجمات المستوطنين الحاقدين البرابرة.
الأمر الذي نريد التوقف عنده هو اعلان عباس عن نية إرسال الملف الى محكمة الجنايات الدولية، ولا ندري حقا ان كان حول عباس مستشارون قانونيون رجع اليهم قبل إعلانه أم لا، فالمحكمة من الممكن أن تختص في جرائم يرتكبها أشخاص وذلك مشروط في حالات الظروف التي لا يلاحق فيها الأشخاص عن جرائمهم من قبل دولهم كما يحصل في حالات الفوضى، والأمر ليس كذلك بالنسبة لهؤلاء المجرمين من المستوطنين الذين أحرقوا الرضيع علي، لأن محكمة الجنايات الدولية ستعتبر القضاء الإسرائيلي هو المحتص لأن هذا القضاء بالتأكيد سيحاكمهم بغض النظر عن العقوبات التي سيفرضها عليهم، ومعنى ذلك أن إرسال القضية الى محكمة الجنايات الدولية امر في غير محله وأن المنتظر من عباس كان قرارا سياسيا وليس مجرد اللجوء الى محكمة ستقول وعلى الغالب إنها غير مختصة.
أما إذا كان عباس يريد إحالة القضية الى محكمة الجنايات الدولية ضد مسؤولين إسرائيليين كنتنياهو مثلا، فإننا ايضا نعتقد بأن مسلك عباس هذا لن يكون موفقا لأن المسؤولين الحكام تختص هذه المحكمة في محاكمتهم عن جرائم الحرب وجرائم الإبادة ضد الإنسانية، ومحكمة الجنايات الدولية على الغالب بل ومن المؤكد لن تستطيع الحكم على اي مسؤول اسرائيلي في هذه القضية لأنها لن تجد اية قدرة على ربط هؤلاء المسؤولين الاسرائيليين بشكل مباشر مع جريمة حرق الرضيع ولن تستطيع اثبات وجود قصد جنائي يربط ما بين الحكومة الإسرائيلية وبين ما فعله هؤلاء المستوطنون، ولو فعلها عباس وأرسل الملف للشكوى على مسؤولين إسرائيليين فإنهم سيحصلون على البراءة هذا إذا حوكموا، وتصبح السلطة الفلسطينية كأنها تقدم خدمة للمسؤولين الإسرائيليين.
لا ندري لماذا لم يكن قرار عباس في هذا الشأن سياسيا خصوصا أنه لا يوجد هنالك ما يخشى عليه مع حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف، فنتنياهو دفع السلطة برئاسة عباس الى نقطة الصفر وإلى الجمود تماما في الوقت الذي تكثف فيه الحكومة الاسرائيلية الاستيطان وتخلق مع مرور الوقت واقعا جديدا وحلا انفراديا من جانب واحد.
ستستنكر الحكومة الإسرائيلية الجريمة كما استنكرها العرب أو ستلتزم الصمت وتترك الأمر الى القضاء الإسرائيلي ليتابع القضية.
الحكومات الإسرائيلية لا تعترف بأنها السبب في خلق التطرف ضد العرب على العموم والفلسطينيين على الخصوص، فعندما ارتكب المستوطن غولدشتاين جريمة الحرم الإبراهيمي وقتل عشرات المصلين وهم سجود، خرج رابين رئيس وزراء اسرائيل في ذلك الوقت ليقول امام وسائل الإعلام إنه خجل من كونه اسرائيليا بسبب تلك الجريمة. نتنياهو لن يقولها لأنه يعلم ان عباس افقد نفسه اي خيار آخر غير خيار الانتظار دون ان يكون هنالك ما يمكن انتظاره، ترى من هو المسؤول عن حرق الرضيع علي دوابشة؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية