المراقب لما يجري في المنطقة خصوصا حيث المناطق الساخنة يدرك ان منطقتنا العربية الشرق أوسطية قد دخلت مرحلة الحدود السائبة المتحركة او سمها المتغيرة قبل الثبات او التثبيت لها عندما تصل القوى المتحركة على الأرض الى اخذ حصصها طائفيا وعرقيا ومغالبة على الأرض، وما يمدد الحدود لهذا الطرف او ذاك بناء على ما يجري من معارك ليس القتال والسلاح فقط، بل إن هنالك عاملا سياسيا كيديا تمارسه أطراف اللعبة ضد بعضها بعضا وما جرى في الايام الأخيرة على ارض الواقع يحتاج إلى تفسير غير القوة أو قوة السلاح أو العقيدة القتالية، فعلى سبيل المثال ثبت لنا جميعا ان النظام السوري بمعاونة حزب الله قادر على الحسم خصوصا في المناطق الجنوبية حيث الحدود مع الأردن وأنهم قادرون على منع داعش وغير داعش من الدخول او البقاء في أي منطقة في الجنوب السوري الا انه وبشكل مفاجئ اخليت الساحة الى داعش للسيطرة على تدمر والتمدد منها الى الانبار في العراق والى ملامسة الحدود الأردنية، وما جرى على الجبهة داخل العراق لا يقل غرابة عما حصل في تدمر فقوى الحكومة العراقية مدعومة شعبيا وإيرانيا استطاعت تحرير صلاح الدين وديالا وربما بيجي ولكنها بشكل مفاجئ تركت الانبار لداعش على طبق من ذهب لكي تصل داعش الى حدود السعودية والحدود الأردنية من ناحية الشرق، الامر الذي دفع رئيس اركان القوات المسلحة الاميركية الى القول بان العراقيين لم تكن لهم إرادة لمقاتلة داعش في الانبار. فهل كان المقصود هو اقتراب النار من الحدود السعودية وفتح باب الحدود الطويلة امام داعش على الاراضي السعودية وهل المقصود ايضا رد الصاع صاعين الى الاردن الذي يتهمه النظام السوري بتمرير المقاتلين ضده وتدريبهم ايضا.
ها هي الحدود تتحرك وان تميزت بالثبات ولو لقليل من الوقت في الأشهر المقبلة فهذا مؤشر خطر وهو مؤشر على رسم حدود منطقتنا من جديد ولكن على أساس طائفي عرقي وان الدول العربية المشرقية وبعض الدول العربية الأفريقية مقبلة على تقسيم ما لم تتوقف قليلا عن القتال والمقاتلة لإعادة النظر في كل شيء وقبل فوات الأوان، وما زلنا نأمل في ان يقود النظام السعودي في المرحلة القادمة جولة تهدئة ومراجعة لعل امتنا تتمكن من إحباط المخططات التي حيكت بعناية فائقة من اجل تقسيمها وشرذمتها.