العدد 2326
الخميس 26 فبراير 2015
banner
العالم العربي... والنظام العالمي؟ د.محمد المحاسنه
د.محمد المحاسنه
تحليل إخباري
الخميس 26 فبراير 2015

منذ أفل النظام العالمي القائم على الثنائية القطبية مطلع تسعينات القرن الماضي بسقوط الاتحاد السوفيتي، تعرض العالم العربي لهجمة شرسة من اجل اعادة السيطرة عليه وعلى ثرواته ومصادرة مستقبله، وكان الطامع الجديد الذي يقود الهجمة وهو الولايات المتحدة لا يريد الاكتفاء بأوضاع العالم العربي آنذاك من التبعية والضعف انما يريد ما هو اكثر دون ان يتحدد سقف ما تريده اميركا في حينه، وعلى الأرجح ان عدم تحديد سقف للأطماع مبرر لأن الأهداف متحركة تدور مع الاحداث تتبدل وتتغير تبعا لما يتاح من الظروف وعناصر الفعل المسيطر عليها، لكن الشيء المعلوم والمعلن من قبل اميركا في ذلك الوقت هو رغبتها بالانفراد في المنطقة وعدم اقتسام النفوذ فيها مع اي من الدول الاخرى صاحبة الاطماع عالميا واقليميا، وكأن هذا الذي يحصل هو عبارة عن تخل عن نظام عالمي حكم العالم منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية ومحاولة من اميركا لوضع نظام عالمي مفصل على مقاس مصالحها سمته في حينها على لسان الرئيس بوش الأب بالنظام العالمي الجديد.
ونقطة الضعف في الموقف الأميركي كانت تتمثل في ان اميركا التي خرجت شبه منتصرة في الحرب الباردة كانت مهزومة من ناحية التنافسية الاقتصادية مع القوى الأخرى، ولأجل ذلك لم تكن الولايات المتحدة من القوة بمكان لكي تفرض نظامها العالمي الجديد الذي تطمح اليه لأنه ايضا لم يكن نظاما حقيقيا بمعنى الكلمة بمقدار ما هو طموح ارادت اميركا ان تجعله من ناحية اعلامية عالميا، بينما هو واقعيا يخص منطقتنا فقط وليس العالم كله. وكان معروفا في حينه بأن هنالك قوى عديدة على الساحة الدولية والاقليمية لن تسمح لأميركا بهذا الانفراد في العالم العربي تحت عنوان النظام العالمي وساحة المعركة لتصفية الحسابات وحسم التنافس ستكون هي ساحة العالم العربي، ومنذ ذلك الحين ظهرت ملامح نظام عالمي جديد غير النظام الذي بشرت به اميركا، هذا النظام العالمي الجديد هو النظام العالمي المتعدد الاقطاب وهو النظام العالمي القادم لا محالة ومن بين القوى التي ظهرت مرشحة للعب دور باعتبارها قطبا في النظام القادم روسيا، والصين، والهند، وأوروبا بزعامة اقتصادية ألمانية وزعامة سياسية غير محسومة حتى اللحظة، ومن بين القوى الاقليمية التي ارادت لعب دور القطبية على الاقل فيما يخص منظقتنا ايران وتركيا وبالتأكيد الكيان الاسرائيلي، ومن خلال هذه المنافسة السياسية على منطقتنا يكون لإيران وروسيا ومجددا معها الصين محور يتقاطع مع اطراف عربية هي سوريا وحزب الله في لبنان والعراق ايضا، وهذا المحور يهدف الى منع سيطرة اميركا على المنطقة وضمان بقاء نفوذ للصين وروسيا امتدادا عبر ايران والعراق وسوريا وصولا الى المتوسط ومشارف اوروبا وطرق المواصلات بين الشرق والغرب، ولأميركا محورها التقليدي المكون من انظمة حكم مرتبطة بالنفوذ الاميركي تحاول اميركا ان تجعل منها الآن قوة تعتمد عليها كما يعتمد المحور الآخر على القوة الاقليمية الخاصة به، والوقود لهذا الصراع والحرب هو وقود عربي كما نرى من اجل السيطرة على عالم عربي، علينا الا نعتبر ما يخططون له قدرا مقدورا وأن نمتلك الإرادة لدحر هذه الاطماع عن منطفتنا ان شاء الله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .