العدد 2906
الأربعاء 28 سبتمبر 2016
banner
سوريا المستباحة أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأربعاء 28 سبتمبر 2016

الغزو السوفيتي لأفغانستان ليس بعيدا، فقد عشنا ذلك الغزو وأخباره يوما بيوم بالرغم من عدم وجود التطور الحالي في وسائل الاتصال، ثم عرفنا بعد ذلك الكثير عن مسببات ذلك الغزو ودوافعه وكيف كان عاملا رئيسيا في هدم الكيان السوفيتي وتفكيكه إلى دول متناحرة حتى تنفرد الولايات المتحدة الأميركية بالقوة العالمية.
في السبعينات من القرن الماضي تمت استباحة الأراضي الأفغانية من قبل الكثيرين، جنسيات عديدة حاربت تحت راية دحر الاحتلال السوفيتي (الكافر) بالرغم من أن الحكومة الأفغانية في تلك الحقبة هي التي طلبت الدعم السوفيتي، وفهمنا كذلك أن ذلك الغزو كان مخططا له من قبل المخابرات الأميركية لجر روسيا لأفغانستان عن طريق خلق القلاقل على حدودها من الجانب الأفغاني لدفعها لقبول دعوة الحكومة الأفغانية للدخول إلى الحرب ضد المحاربين الكثر على الأرض الأفغانية.
واليوم يتكرر السيناريو بصورة شبه مطابقة، ولكن على أرض أخرى هي الأرض السورية التي تستباح أراضيها من قبل الجميع، دون تحرك جدي من قبل المنظمة الدولية لوقف ما يحدث لعجزها عن ذلك بسبب القوى الكبرى التي تضع العراقيل في طريق إيجاد حل حقيقي لما يحدث في سوريا والقتل المستمر فيها والتدمير الممنهج لأراضيها وسحق كل ما هو حي على تلك الأراضي.
ربما تكون روسيا قد فهمت دورها الحالي أكثر من فهمها الدور السوفيتي في أفغانسان ووعت الدرس أكثر، لذلك تركت سلاحها الجوي يقوم بالمهمة فقط لعدم حاجتها لقوات أخرى وحتى لا تتغلغل كثيرا في الحرب أو يتم جرها لها، وهي مهمة يقوم بها الجميع، فأميركا وفرنسا وبريطانيا و... الجميع أطلق العنان لطائراته لتحلق في سماء سوريا وتنزل قنابلها وصواريخها على كل ما يتحرك على الأرض، فهم متحدون في هذا الجانب، أي قتل الحياة على الأرض السورية، ولكنهم مختلفون على الهدف والنتيجة المطلوبة من التحليق، ولكن الصورة التي تصل إلينا أو ما يراد لنا أن نعرفه لا يختلف عما أريد لنا معرفته من الحرب الأفغانية قل أربعين عاما تقريبا.
بعد سنوات من الآن قد تتكشف لنا الحقائق عن الصورة والهدف، صورة ما يحدث في سوريا والهدف مما يحدث، مع أن الهدف يمكن معرفته حاليا وهو ليس بعيدا عن تفتيت سوريا وإخراجها من معادلة الصراع العربي الصهيوني كخطوة لإنهائه تماما وجعل هذا العدو القوة المهيمنة على المنطقة بلا منازع، وذلك عن طريق دخول النظام الجديد (في حال سقوط النظام الحالي في سوريا) في دائرة العمل السلمي مع العدو والمعاهدات التي تفتح الباب للباقين للدخول في هذه العملية، والخاسر من كل ذلك هو الإنسان العربي... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .