العدد 2845
الجمعة 29 يوليو 2016
banner
القمة العربية بين السلبية والإيجابية أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 29 يوليو 2016

طوت القمة العربية ملفاتها وغادر بعض القادة أرض الدولة العربية موريتانيا التي تستضيف القمة للمرة الأولى، ثم بدأت التكهنات والتحليلات التي تعقب أي لقاء من هذا النوع والنتيجة التي نراها لا ترقى إلى مستوى اللقاء أو ما تحمله الأمة من هموم وتطلعات.
في اعتقادي المتواضع أنه لا توجد إيجابية للقمة العربية الأخيرة ولا تلك اللقاءات التي سبقتها طوال العقود الماضية عدا أمر واحد، حيث يمكن القول إن هناك إيجابية واحدة فقط، حتى لا نكون جاحدين، وهي الاجتماع ذاته، أي أن استمرار اللقاءات وعدم محوها من الخارطة السياسية العربية يمكن أن يكون الفعل الإيجابي الوحيد كونه يبقي على الهوية العربية الواحدة مجسدة في اللقاءات، أما الباقي قلا نرى له هوية إيجابية تتناسب وما يريد الوطن العربي أو يتمنى المواطن العربي.
لم تخرج القرارات في البيان الختامي الذي قرأه الأمين العام الجديد السيد “أحمد أبوالغيط”، عن سابقاتها في القمم الماضية، فقد حوت المشاكل التي تعصف بالوطن في السنوات الأخيرة ولم تجد حلا، وهي سوريا والعراق واليمن وفلسطين، فحتى وضع القضية الفلسطينية في المقدمة هذه المرة إلا أنها مازالت تستجدي العدو الصهيوني وتقدم له الأمنيات بالموافقة على الحل السلمي، وهو الحل الذي يراه المواطن العربي نوعا من التسليم لذلك العدو أكثر منه كسبا للحقوق العربية الفلسطينية في الأرض المحتلة، ومع ذلك مازالت القمة مصرة على المضي في هذه المبادرة بالرغم من مرور سنوات كثيرة عليها دون فائدة بل ساهمت في جعل العدو الصهيوني أكثر عدوانية على الشعب الفلسطيني وفتحت له الباب واسعا لمواصلة الاستيلاء على الأرض الفلسطينية وفي مقدمتها القدس الشريف والإمعان في تهويدها، ومع ذلك مازلنا نتمنى موافقته على الحل!
ثم نجد القرار الآخر الذي يتحدث عن دعم العراق في مواجهة الإرهاب وفي هذا القرار قلب للحقائق وكان المواطن العربي لا يعي ما يحدث في العراق، فالعراق نفسه كدولة يمارس حاليا الإرهاب بحق الشعب العربي في العراق ويفتح أبواب الوطن هناك لكل من هب ودب لممارسة ذلك الإرهاب وينشئ المليشيات المتعددة لتجسيد الإرهاب الرسمي بحق شعب العراق، فكيف تتغاضى القمة عن ذلك الإرهاب الرسمي، وتنعت الأطراف الأخرى بالإرهاب والتي يمكن أن يفسر الطرف الآخر ذلك بأبناء المناطق الغربية التي تعاني حاليا الأمرين من القوات العراقية والمليشيات التي تحارب معها جنبا إلى جنب، وتناسى المؤتمر ما حدث في الفلوجة وغيرها وكأن من يعيش هناك ليسوا عربا.
أمر غريب حدث وربما ليس للمرة الأولى في اللقاءات العربية ألا وهو تحفظ العراق ولبنان على إدانة التدخل الفارسي الإيراني في الشأن العربي وهو ما يجسد أمرا خطيرا يعشعش داخل الجسد العربي، ونعني بذلك مفهوم الأمن القومي العربي، فهناك خلاف على هذا المفهوم عند النظام العربي، فهذا النظام يريد أن يضع عدوا واحدا وليس أمنا واحدا، هناك من يرى الخطر من جانب العدو الرئيسي للأمة ونعني به العدو الصهيوني، وهناك من يرى أن العدو هو الدولة الإيرانية التي تتدخل علنا في الكثير من الأقطار العربية وتعمل على تدميرها، فمفهوم الأمن يجب ألا يكون متمثلا في دول أخرى بقدر تجسده في الأمن العربي والحدود العربية وكيفية بناء المستقبل العربي وما يعيق بناء هذا المستقبل.
بالتالي هناك خلل بنيوي في الجسد العربي، مما يعني ضرورة تحديد معنى الأمن العربي وليس مصدر الخطر العربي أو حجمه... ونأمل أن تكون للحديث تتمة.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية