العدد 2842
الثلاثاء 26 يوليو 2016
banner
لماذا لا يعون بعد أربعة وستين عامًا علــى الثــورة؟ أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الثلاثاء 26 يوليو 2016

كل شيء قابل للمقارنة بين فترة خمسينات وستينات القرن الماضي وما بعدها، في الداخل المصري وفي الوضع العربي، في الإنسان العربي وغير العربي، في الأمة العربية قبل وبعد، في كل شيء يمكن للإنسان العربي ان يقارن، بل هو قد قارن ولا يحتاج إلى دليل على أن ما كان فيه الوضع العربي بصورة عامة والوضع الذي نحن عليه، ولكن الوعي عند من يقود هذه الأمة أو الذي من المفترض أن يقودها.
من تابع الحراك الشعبي العربي الذي انطلق نهاية العام 2010 في تونس ومر بالكثير من أقطار هذا الوطن الكبير يشاهد ودون مونتاج للصورة وعي هذه الجماهير وكيف تستنتجد بعبدالناصر، ليس لشخصه ولكن لفكره وعمله، وهو العمل والفكر الذي كان يضع الإنسان العربي فوق كل شيء وفي مقدمة كل عمل، ومن يشاهد الإعلام المصري كل ما تمر ذكرى عبدالناصر، سواء ذكرى وفاته أو مولده أو الثالث والعشرين من يوليو يشاهد التغيير الإيجابي فيها، فبعد أن كانت تضع ذكراه في الثلاجة وتتجاهلها وكأنها لم تمر، نراها اليوم تستعيد كل شيء فيها وبالذات الإنجازات التي تمت في عهده الزاهر والقريب من الإنسان أكثر من أي شيء آخر.
حين تستعيد الجماهير العربية صور عبدالناصر وذكراه فإنها تحاول استعادة العدالة الإنسانية المفقودة في الوقت الراهن والتي كانت رمزا لعهده، وتستعيد صورة العزة العربية التي كانت سمة من سمات ذلك العهد حين كان الإنسان العربي يرفع رأسه في أي مكان يتواجد فيه، وتستعيد الإنجازات التي كان عهده زاخرا بها ومليئا بأنواع مختلفة منها والتي كانت لا تتوقف يوما وجميعها كانت من أجل الإنسان العادي والبسيط وليس ذلك الغني الذي همه الأول والأخير كيف يستنزف المواطن ويستولي على ما عنده.
مرت منذ أيام بسيطة ذكرى ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952 وهي الذكرى السنوية الرابعة والستين لتلك الثورة المجيدة التي غيرت التاريخ والواقع العربيين وجعلت ما بعدها مختلفا عما قبلها، ورأينا في هذه الذكرى والاحتفال بها ماهية ذلك الاختلاف بين السنين وكيف يحن المواطن العربي لتلك الفترة المضيئة من تاريخنا العربي.
في تلك الفترة لم نكن نرى أو نسمع عن مشاريع غير تلك الكبرى والتي كانت تسمى قومية عن مضمون حقيقي وليس مجرد اسم فقط، كبرى لأنها كانت تخدم المواطن الفعلي وتعمل على إخراجه من حالة العوز التي هو عليها لحالة الاكتفاء التي يريد أن يصل إليها، ونحن هنا لا نتحدث عن تأميم القناة وهي كبرى فعلا ولا عن السد العالي وهو مشروع كبير هو الآخر ولكننا نتحدث عن الانتاج الحقيقي والتصنيع القومي الذي كان سمة من سمات عصر عبدالناصر.
في تلك الفترة لم نعش حروبا طائفية وعنصرية كتلك التي نعيشها الآن وتعصف بأمتنا وتمنعها من الاستقرار والبناء وتمزقها لتجعل منها أمما وليس امة واحدة من المحيط إلى الخليج كما كنا نتغنى في السابق ونأمل بوحدتها، فقد أضحت هذه الوحدة وفي ظل ما نعيشه بمثابة الحلم البعيد عن المنال كما يريد اعداء الأمة والقريب من التحقق كما يراه أبناؤها.
أربعة وستون عاما على الثورة التي قادها عبدالناصر وثمانية وتسعون عاما حتى الآن على ذكرى مولده وستة وأربعون عاما على رحيله عن هذه الدنيا، كل تلك السنون مرت علينا ومازال المواطن العربي متعلقا بهذا الرجل تعلقه بالأمل في عودة الروح إلى هذه الأمة، تلك الروح التي خبت بوفاته وتبوؤ من ليس بقادر على قيادة هذه الأمة العظيمة التي تحولت إلى فريسة يغرس كل من هب ودب أنيابه بجسدها، ولكن الحياة بلا امل ليست حياة، ونحن نعيش على هذا الأمل، امل الوحدة الحتمية، أمل لعله يتحقق يوما ما وتعود امتنا إلى قيادة العالم بما تحويه من مكونات تجعل منها أمة عظيمة، مكونات يعيها أعداؤنا قبل أصدقائنا... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .