العدد 2757
الإثنين 02 مايو 2016
banner
التمييز في النظام الدولي أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الإثنين 02 مايو 2016

التمييز موجود في الدول حين تكون فئة أو مجموعة أو طائفة مميزة عن الأخرى وتحظى بما لا يحظى به غيرها، وفي المؤسسات حين يتم تفضيل اناس على آخرين، وهذا التمييز قد يكون واضحا جليا أو متسترا بطريقة من الطرق، ولكنه موجود وتدافع عنه الدول والأنظمة التي تمارسه وتصوره بصورة منافية للواقع، بل تضع له التبريرات التي تعرف هي ذاتها أنها غير صحيحة ولكنها تستخدمها امام الغير الذي يرفض التمييز، ولكن حين يكون التمييز بهذا الوضوح وفي النظام الدولي رغم الكثير من المعاهدات والاتفاقيات الدولية المناهضة للتمييز ضد البشر، حين يكون ذلك فإنه يغدو عارا على هذا النظام بحق الدول التي تدعو للمساواة بين البشر وتنادي بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
الجميع يعرف أن ما يسمى بـ “داعش” موجود منذ سنوات، وهذه المؤسسة العسكرية مارست القتال في العراق وسوريا منذ ذلك الوقت، وهيمنت على جزء كبير من سوريا والعراق في ظل صمت دولي وإقليمي غريب، ولكن فجأة قامت الدنيا عليها حين اقتربت من بغداد ومدينة عين العرب أو “كوباني” كما يطلق عليها الأكراد، وتم قيام تحالف دولي كبير لمحاربة هذه المنظمة (صوريا على الأقل)، وبدأت حينها الأسلحة الجوية من كل مكان في ممارسة هواية القصف والتدمير في كل من سوريا والعراق حتى توقف زحف داعش وفشلت في الدخول إلى بغداد او احتلال عين العرب، ولكن الحرب مستمرة عليها في اماكن كثيرة حتى الآن. ولكن الغريب والمستغرب هو ما يحدث في الفلوجة العراقية وحلب السورية، فالفلوجة تركت لداعش لتحتلها منذ سنتين تقريبا وحوصرت من قبل النظام العراقي الذي منع عنها الماء والهواء تحت ذريعة الاحتلال الداعشي ومحاولة إضعافه دون محاولة تحريرها أو مساعدة مواطنيها القابعين تحت الاحتلال لتخليص مدينتهم مما حاق بها، بل تركوا يعانون الأمرين ويستجدون العون من كل مكان ويوجهون النداء الواحد تلو الآخر دون فائدة ودون أن يتحرك احد لنجدتهم مما يفعله بهم نظام بغداد الطائفي. وحلب هي الأخرى تعيش مأساة، ما بعدها مأساة، بسبب ما يفعله بها النظام في سوريا ومن يقف معه ويدعمه، سواء الطيران الروسي أو المليشيات الطائفية التي انتشرت في كل مكان على الأرض السورية، ويسقط فيها العشرات يوميا من أطفال ونساء وشيوخ دون ان يتحرك أحد او ترمش عين من عيون الداعين لحقوق الإنسان، وكأن من يعيشون في حلب ليسوا بشرا ولا يحملون صفة الإنسانية.
الصفة التي يشترك فيها أهل حلب والفلوجة أنهم من العرب المسلمين، لذلك يجب تركهم يعانون ويموتون ولا شأن لأحد بهم، فهم يستحقون ذلك في نظر الآخرين كونهم يحملون صفة العروبة بالأساس وكل ما استطاع السيد بان كي مون قوله في هذا الصدد هو الإعراب عن قلقه لما يحدث، سبحان الله، اما جامعتنا العربية وأمينها العام فلم يقو على اكثر من الاستنكار، والغرب صامت صمتا غريبا عن المجازر المنتشرة هناك والجوع والحرمان الذي عليه المدينتان، فالمدينتان في مأساة حقيقية دون أن يكترث لهما أحد أو يباشر لمد يد العون لأهلهما، فما الذي نفهمه من كل ذلك، اليس ذلك تمييزا بين البشر يمارسه النظام الدولي والدول التي تتشدق بالحرية والعدل والمساوة وتدعو لها، أليس تمييزا بين البشر على أساس العرق والدين؟ أليس تمييزا يجعل ممن يقع تحته مجبرا على أن يحمل ضغينة وحقدا بحق النظام الدولي، هل اهل كوباني بشر وأهل الفلوجة وحلب ليسوا كذلك؟... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية