العدد 2754
الجمعة 29 أبريل 2016
banner
اليمن... مفاوضات مفتوحة أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 29 أبريل 2016

أمر ربما يكون بعيدا عن المنطق وما هو موجود على الأرض حين نرى أن الجماعة الانقلابية في اليمن تماطل بهذه الطريقة وتجعل من المفاوضات التي دخلتها مع السلطة الشرعية في اليمن وبرعاية الأمم المتحدة وغياب الجامعة العربية، تجعلها تراوح مكانها ومحلك سر، وبعد حرب استمرت أكثر من عام عجزت فيه عن الاحتفاظ بالكثير من الأراضي التي احتلتها قبل الحرب وبالتعاون مع المخلوع علي عبدالله صالح.
جنيف الأولى تفشل ثم تتبعها جنيف مرة أخرى ولا تحمل أية نتائج ثم تأتي بعدها المحطة الحالية، أي دولة الكويت، ولكنها هي الأخرى تواجه صعوبة وتعنتا من قبل الانقلابيين ومماطلة وتسويفا لا معنى له وكأنهم يرسمون لتثبيت موقف محدد على الأرض قبل ذلك ليستفيدوا منه على الطاولة، لذلك نسمع عن خرقهم وقف القتال الذي وافقت عليه السلطة اليمنية الشرعية بين الحين والآخر.
هذا الأسلوب لابد أنه مقتبس من المفاوضات الإيرانية مع دول الخمس + واحد حول القدرة النووية، وهي المفاوضات التي استمرت لسنوات طويلة جعلتنا لا نذكر متى بدأت وحققت من خلالها إيران ما تريد واحتفظت بمفاعلاتها النووية وقدرتها على إنتاج السلاح النووي بعد عقد ونصف من الزمن، فهل دخلت جماعة الحوثي وصالح دورة تدريبية وعلى يد مدربين إيرانيين لتجعل من المفاوضات الحالية في الكويت بلا معنى ولا فائدة؟
كنا قد تساءلنا في مقال سابق عن مصدر القوة التي عليها الجماعة الانقلابية وكيف لم تتمكن القوات الشرعية حتى الآن من دحرهم عن العاصمة ومنعهم من قصف المدن اليمنية المحررة، وهذه المفاوضات وأسلوب التعامل معها من قبل هذه الجماعة يعمق ذلك التساؤل ويجعله ملحا أكثر عندما نرى عدم الاكتراث الذي عليه جماعة الحوثي حيال هذه المفاوضات والمماطلة التي تسير عليها وكأنها تقف على أرض صلبة.
الأكثر غرابة في هذا الموضوع الميوعة التي عليها الأمم المتحدة الراعية لهذه المفاوضات والتي من المفترض أن تكون ملتزمة بقرار مجلس الأمن 2216 وتسير على هديه، ولكن ما نراه انها غيبت هذا القرار وتتعامل بصورة أخرى مع المفاوضات، فهي وممثلوها إما انهم غيروا الطريق ويهدفون لوضع آلية مختلفة عن القرار مما يعني نقضه، وإما أنهم يريدون مد أمد القتال إلى ما لا نهاية بتحريض من قوى أخرى تمارس الضغط على هذه الهيئة.
مجلس الأمن أصدر قراره حول اليمن في الرابع من ابريل عام 2015، أي قبل أكثر من عام من الآن، ولكن ممثله في المفاوضات أو في القضية اليمنية لا يتطرق لهذا القرار إلا نادرا وكأنه يريد وضع أرضية للمفاوضات لا تتوافق مع القرار الذي يتحدث بوضوح عن انسحاب القوات الانقلابية من جميع الأراضي التي احتلتها وعلى رأسها العاصمة اليمنية صنعاء، وتسليم جميع الأسلحة الثقيلة التي استولت عليها أو حصلت عليها من مصادر أخرى للسلطة الشرعية، ثم وضع قائمة بأسماء كثيرة على القائمة السوداء وعلى رأسهم الحوثي نفسه وعلي عبدالله صالح، فأين يقع هذا القرار في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة حاليا في الكويت وقبلها في جنيف؟
موقف ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وغياب الجامعة العربية يقوي من موقف جماعة الانقلاب ويفتح لها الساحة للتلاعب أكثر وأكثر ويمد في وقت المفاوضات ويفرغها من مضمونها الحقيقي ويغير من الهدف منها وهو إعادة اليمن إلى وضعه الصحيح بعيدا عن الهيمنة الخارجية ومتماشيا مع ما يريده الشعب اليمني، وهو ما عملت عليه الجماعة الحوثية وأرادته الدولة الراعية ونعني بها إيران التي لم تفتأ تتحدث عن حرب التحرير التي تخوضها المقاومة اليمنية والسلطة الشرعية بأنها عدوان على اليمن في قلب للواقع تهين به هذا الشعب العربي.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .