العدد 2603
الإثنين 30 نوفمبر 2015
banner
خامنئي يطل من جديد أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الإثنين 30 نوفمبر 2015

يقول علي خامنئي وهو الذي يمثل قمة القرار في إيران إن “إيران ستقف مع الشعوب المظلومة وعلى رأسها شعب البحرين”، وهو قول أو تصريح ليس جديدا لا عليه ولا على الكثير من مسؤولي النظام الإيراني الحالي، بل هو تجسيد لمشروع قديم استفحل منذ العام 1979 عند نجاح ثورة الشعب الإيراني في إسقاط نظام الطاووس واستبداله بنظام عمائم، وبناء على هذا التصريح وما يحمله من معنى تمارس الكثير من الأجهزة الرسمية هناك عملا غير مشروع في التدخل في الشأن البحريني وغير البحريني، إلا أنه في البحرين مستمر منذ سنوات طويلة وتقيم المعسكرات التدريبية لمن يريد ممارسة الإرهاب على الأرض البحرينية وتمول من يريد بالسلاح إضافة للتدريب.
كل ذلك ليس جديدا بل هو معروف عند الجميع ممن يتابعون ما يجري وتهمهم المعرفة، ثم ان العلاقات المتوتةر بين المملكة وإيران مستمرة منذ امد بعيد بناء على ممارسة إيران تجاه المملكة بالرغم من محاولات المملكة المحافظة على الحد الأدنى من تلك العلاقة، فكلما بنت المملكة جسرا في تلك العلاقة تقوم إيران بهدمه عامدة متعمدة، وكلما مارست المملكة عملية ضبط النفس تمادت إيران في تدخلها في الشأن المحلي، فإيران مازالت تتخيل أن المملكة جزء من فارس وهي تتمنى أن تضيفها إلى باقي الأراضي التي تحتلها من الأرض العربية وغير العربية والتي تزيد مساحتها عن مساحة فارس نفسها وبدونها تموت فارس جوعا وربما عطشا في ما وراء الجبال.
حين تقدم الجهات الرسمية بالمملكة على استدعاء القائم بالأعمال الإيراني وتسلمه مذكرة احتجاج، وحين تستدعي سفيرها في إيران في تعبير دبلوماسي عن موقف رافض لممارسات فارس فإن ذلك موقف دبلوماسي سليم وينم عن إدراك ووعي بأهمية العلاقات الدولية، وهو موقف سليم لا غبار عليه، ولكن ذلك يبدو أنه غير كاف للتقليل من حجم تلك التدخلات او ردع المتآمرين مع فارس عن أفعالهم، وهو ما يعني ضرورة وجود وسائل أخرى تقوم بهذا الدور وتقلل من تأثير ما تقوم به تلك الدولة بحق المملكة وباقي دول الخليج العربي، فخطوط المواصلات التي مازالت قائمة ومؤثرة من الوسائل التي من خلالها تمارس فارس دورها، والعلاقات التجارية أو التبادل التجاري بين الجانبين يفيد فارس ومنتجاتها أكثر من استفادة المملكة منه، فلماذا مازال كل ذلك قائما وفاعلا، أليس من حق المملكة إيقاف تلك الخطوط، على الأقل مؤقتا، لنرى تأثير ذلك التوقف، ثم إن ترك مواطني المملكة يفيدون الاقتصاد الإيراني بسياحتهم هناك وسفرهم بصورة عامة إلى إيران، ألا يفيد ذلك الأمر الاقتصاد الفارسي ويفتح بابا لقيامها بما تقوم به؟ فلماذا مازال المواطنون يقومون بذلك، أليس من الأولى بهم كمواطنين ومنتمين ان يتوقفوا عن ذلك، أليس من حق المملكة ان تقوم بشطب فارس من جواز السفر البحريني وحجب سفر المواطنين إليها في حال إصرار البعض على السفر إليها رغم عدائها وطنهم؟
ثم إن موقف الأمانة العامة لمجلس التعاون هو موقف دبلوماسي سليم على الجانب الإقليمي، وحين تصدر الأمانة العامة بيانا رافضا لموقف الدولة الفارسية فإنها تمارس دورا سليما معبرا عن الأسس التي قام عليها المجلس، ولكن هذا الأمر لا يكفي هو الآخر، فالأمانة العامة هذا دورها ولا تستطيع تجاوزه حسب النظام الذي قام عليه المجلس، ولكن دول مجلس التعاون الخليجي عليها دور أكبر وأهم يعبر عن الترابط القائم بينها والأمن الوطني والإقليمي المشترك الذي يربطها بل يقوم على الحقيقة التاريخية التي تفيد أنها كتلة واحدة وليست أقطارا متفرقة، هذه الدول عليها دور يدعم موقف الأمانة العامة ويدعم موقف الدول المتأثرة بممارسات فارس، أليس الأجدى بهذه الدول تحجيم تلك العلاقة وإرسال رسالة واضحة لفارس من خلال ذلك الموقف بأن هذه العلاقة ستتأثر سلبا جراء ممارساتها بحق بعض دول الخليج العربي.
المواقف الدبلوماسية قد تفيد مع البعض حين يفهمها، ولكن حين يعجز عن ذلك الفهم، كما هو الحال مع فارس هنا، فإن المواقف العملية تكون مطلوبة بل ملحة... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .