العدد 2600
الجمعة 27 نوفمبر 2015
banner
الطبيعة تفضح الإنسان أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 27 نوفمبر 2015

في أحد المجالس دار الحديث حول الأمطار (قبل هطولها) وكانت حينها الأخبار تتوالى عن القادم منها وكميته ووقته وغير ذلك مما تبثه الأخبار في كل مكان ووكالات الأرصاد الجوية، حينها تحدث أحد الجالسين عن تواجده في الهند في فترة ما، وأن الأمطار لم تتوقف لمدة ساعات هناك، إلا أنه عندما خرج إلى الشارع لقضاء مشواره لم ير مستنقعا واحدا في طريقه، هذه الهند، أما عندنا فما إن تسقط كميات محدودة من الأمطار، فإن هذه المستنقعات تملأ الأرض في كل مكان وتظل أياما في بعض المناطق تنتظر أشعة الشمس لتجفيفها وهذا ما تقوم الصحف بنشره هذه الأيام بالصورة وليس بالكلمة فقط.
أزكمتم أنوفنا منذ سنوات وحتى الآن بالحديث عن تطورنا في مجال البنية التحتية والتصريحات التي لا تتوقف حول تقدمنا في هذا المجال، وعن شبكات الصرف الصحي الحديثة والمتكاملة وعن المشاريع المتعلقة بها وامتدادها لجميع مناطق المملكة، ثم لا ينفك بعض المسؤولين عن الحديث عن الاستعدادات التي لا تنقطع لأي طارئ، ولكن ما إن يأتي ذلك الطارئ الطبيعي حتى ينكشف زيف تلك التصريحات وينفضح صاحب التصريح ومن يعمل في هذا المجال.
يبدو أن القائمين على شبكات الصرف الصحي لا يتعلمون من التجارب أو أنهم لا يملكون القدرة على التخطيط وتوقع ما هو قادم أو الاستعداد له أو تهيئة الأرضية المناسبة لما يمكن أن يحدث، وهم يعلمون في نفس الوقت أنهم بعيدون عن المحاسبة الصحيحة لعدم وجود جهة رقابية صحيحة، الأمران مرتبطان وعلاقتهما طردية وليست عكسية، المهم أنهم – أي القائمين على الصرف الصحي ومسؤولي البلديات معهم – فيما يبدو يمارسون عملهم يوما بيوم دون تخطيط واقعي للمستقبل، ولا نريد أن يهب أحدهم ليقول إن لديهم أقساما كاملة وكبيرة للتخطيط،  فلو كانت موجودة لما حدث ما يحدث في أية هبة أمطار خفيفة، ومع ذلك ربما تكون تلك الأقسام موجودة فعلا ولكنها لا تعمل كما يجب أن تعمل، فهي حالها حال الأقسام الأخرى تعتقد بالعمل اليومي فقط.
في هذا المجال نرثي حال العاملين الميدانيين الذين يتضاعف عملهم في مثل هذه الحالات الاستثنائية – أقول استثنائية حتى يفرح المسؤولون ويجدون كلمة يردون من خلالها – ومع ذلك نقول إن من يعمل في الميدان يتحمل عبء التقصير في الأماكن الأخرى عند المسؤولين ويتضاعف الجهد الذي يبذله عندما يحدث طارئ كما مر بنا مؤخرا، ومع ذلك عندما يأتي المديح يناله من يجلس خلف المكتب حتى لو كان من المقصرين ويستثنى منه العامل الميداني حتى لو بذل جهدا مضاعفا،  فهذه حال الدنيا عند الفشل ترمى المسؤولية على من لا قوة لديه، وعند النجاح يخرج من يملك القوة لينال المديح والثناء ومعهما المكافأة.
نعود للمجلس النيابي في هذا السياق والذي يبذل أعضاؤه الجهد غير المفيد حين يقومون بعمل البلديين ويطالبون لدوائرهم بمدارس أو شوارع أو حدائق في جهل واضح لواجبهم الدستوري، نعود لهم لنقول ان ما نتحدث عنه أمر عام وطني يتطلب المحاسبة على التقصير، فهو لا يحدث في دائرة دون أخرى، لذلك يستوجب البحث في كيفية تفادي حدوثه في المستقبل، ولن يتم ذلك إلا بمحاسبة المسؤولين عنه في الأشغال والبلديات الغائبة عن مهامها، ولكن نعود مرة أخرى لنقول هل يجرؤ المجلس على المحاسبة أم أنه هو الآخر يمارس عملا يوميا روتينيا ولا شأن له بالمستقبل... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية