العدد 2598
الأربعاء 25 نوفمبر 2015
banner
تصريحات لا يفهمون معناها أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأربعاء 25 نوفمبر 2015

هناك نوعية من البشر تعتقد أنها يجب أن تكون في الصورة بأي شكل من الأشكال، وأن صورتهم يجب أن يتم نشرها إعلاميا على صفحات الجرائد أو من خلال ما يسمى وسائل التواصل لعل هذا الأمر يقربهم من البشر أو يوحي للمواطنين بنشاط هذه الفئة وقدرتها، إلا أن المشكلة أن الكثير من التصريحات تسيء لصاحبها أكثر من إفادته وتظهره بصورة تميل إلى الجهل، وإذا فهمها من يقرأها يرى في صاحبها الحقيقة التي يريد من يطلق التصريح أن يحسنها عند القارئ.
لذلك تحول الإعلام عند الكثير من المسؤولين إلى هدف وليس وسيلة، يريدون التواجد فيه مهما حدث، فهدفهم هو التواجد في الصورة باستمرار وبأي شكل، بل ان بعضهم يضع صورته التي تفيد نشاطه المحلي حتى وهو خارج البلاد حتى لا يغيب عن الصورة ويظل موجودا باستمرار، فهم لا يحاولون فهم أن الإعلام ليس أكثر من وسيلة للتواصل مع الآخرين وخلق رأي عام يستفيد منه صاحب القرار، وهو في نفس الوقت أداة لنشر الخبر وإيضاح الحقيقة الغائبة عن الكثيرين، أما من يستخدمه لتحسين صورته وإيجاد رأي غير حقيقي عنه وعن غيره فهو في الحقيقة غير واع لحقيقة الهدف من الإعلام وهو في نفس الوقت يريد الإيحاء بغير الحقيقة عنه وعن إمكاناته المتواضعة في الأساس.
آخر ما قرأته في وسائل التواصل الاجتماعي ومصدرها هو صاحب التصريح وليس طرفا ثالثا كان رأيا أو موقفا تبناه أحد نوابنا الأفاضل ومفاده “أنه يفضل رفع الدعم عن الغاز والكهرباء وباقي المواد الأساسية بدلا من المساس بقوت الشعب”، بمعنى أنه يوافق على التوجه الحكومي الحالي – ونحن على يقين من ذلك - بالبدء في رفع الدعم الحكومي عن المواطنين – وهو لم يحدد كيفية رفع الدعم – وهو ما يعني أنه لا يمانع من الارتفاع الجنوني في الأسعار لتلك المواد بشرط ألا يمس قوت المواطن، ولا أستطيع ان أفهم كيف ترتفع الأسعار وكيف يرفع الدعم دون المساس بقوت المواطن، فهو ربما لا يتابع ان ارتفاع أسعار اللحوم (مع أنها لحوم رديئة من الأساس) أدى إلى عزوف الكثير من المواطنين عنها وأدى إلى تكدسها في مخازن الشركة التي تحتكر استيرادها وخلق أزمة محلية مازلنا متأثرين بها، وأن ارتفاع الغاز سيؤدي حتما إلى ابتعاد المواطن عن الطبخ لعدم قدرته على شراء اسطوانات الغاز وبالتالي سيحدث ما يسمى سوء التغذية عند الكثير من المواطنين، وهو لا يعرف أن ارتفاع أسعار الماء والكهرباء سيؤدي حتما إلى عجز غالبية المواطنين عن دفع الفواتير وسيلهم مؤسسة الكهرباء والماء بوسائل مبتكرة قطع الخدمة عنهم وتركهم بلا تكييف في الحر ولا برادات لحفظ الطعام... وهو لا يعرف ان أسعار الخبز (الرغيف) ستصاب بالجنون وترتفع إلى أضعاف ما هي عليه الآن وستؤدي هي الأخرى إلى الشح في استخدامها عند الغالبية الساحقة من المواطنين.
فإذا كان الأمر كذلك – مع أن ما قلناه أقل من الواقع القادم – فكيف يقول هذا النائب ان رفع الدعم لن يؤدي إلى المساس بقوت المواطنين؟ ولا نفهم ما هو قوت المواطنين عند الأخ النائب إلا إن كان الأخ النائب يسير على خطة “ماري انطوانيت” زوجة لويس السادس عشر عندما قامت الثورة الفرنسية، فعندما أخبروها بتذمر المواطنين لأنهم لا يجدون ما يقتاتون به قالت “ليأكلوا البسكويت بدلا من الخبز” وهو قول يعني أن قائله لا يعرف شيئا عن الواقع ولا يعي حال الناس ولا كيف يعيشون وهو ما ينطبق على الأخ النائب.
رفع معاناة البشر لا تكون بتصريحات لا معنى لها ولا تكون بمحاولة التقرب منهم بوسيلة تسيء إليهم ولا تكون بالابتعاد عنهم وقطع وسيلة التواصل بهم، بل بالتواجد معهم والاقتراب من معاناتهم لفهمها والاستماع لهم بصورة مباشرة ونكران الذات التي تسيطر على المجلس اكثر من أي شيء آخر وفوق كل ذلك يعني أن يفهم النائب (وهنا أتحدث بصورة عامة وليس عن النائب صاحب التصريح) أن يفهم ما هو مطلوب منه وكيف يؤدي عمله... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية