العدد 2547
الإثنين 05 أكتوبر 2015
banner
هل نحن على أبواب حرب عالمية ثالثة؟ أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الإثنين 05 أكتوبر 2015

كما يقال دائما إن معظم النار من مستصغر الشرر، وهو تعبير عن ضرورة الاهتمام بالأشياء الصغيرة خوفا من تطورها ودخولها في مجال تصعب فيه السيطرة عليها أو على نتائجها، وما يحدث في سوريا اليوم لا يمكن اعتباره أمرا بسيطا أو سهلا يمكن السيطرة عليه بسهولة، فدخول روسيا على الخط العسكري وبهذه الصورة المعلنة غير المكترثة بردة فعل الآخرين يعني أنها تود السير في الطريق إلى نهايته وأنها وضعت حساباتها بدقة وشمولية قبل إقدامها على هذه الخطوة.
الدرس الذي أخذته روسيا من دخولها افغانستان كان أيام الاتحاد السوفيتيي الذي انهار منذ أكثر من خمس وعشرين سنة، والذي كان تفتته من نتائج ذلك الغزو وأحد أسبابه، وهو ما يعني ان القيادة الروسية وضعت ذلك في الاعتبار وأخذت الدرس منه ولن تكرره مرة أخرى، وفي المقابل فإن الولايات المتحدة الأميركية مازالت تعاني من درس غزوها أفغانستان والعراق وتعتقد أنها حققت ما تريد من وراء ذلك الغزو، وهو ما يمكن أن يضع ظلالا على قرارها حيال ما يحدث في سوريا.
العالم منقسم حيال ما يجري على الأرض السورية، شعوبا وقيادات، فروسيا الصين تتزعم الكتلة الداعمة لسوريا ونظامها ومعها إيران والعراق وبعض دول أميركا الجنوبية وبعض دول جنوب شرق آسيا، والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا تتزعم الكتلة المضادة عالميا ومعها الكثير من دول العالم، بل حتى في الجانب العربي نجد الانقسام في الموقف، فالعراق يقف بكل قوة مع النظام في سوريا ومعه نوعا ما نجد الجزائر، وعلى الجانب الآخر في مقدمة الدول المناوئة للنظام السوري دول الخليج ومصر، وباقي الدول تقف موقفا يمكن أن يقال عنه إنه حيادي.
إن العالم منقسم حيال هذه الأزمة، وانقسامه ليس في الموقف السلبي، بل في الموقف الإيجابي، بمعنى أن الجميع تقريبا يساهم في هذه الأزمة ماديا وعسكريا، فهو في داخل أتون هذه الحرب، صحيح أن القتال ليس في ما بين هذه الدول حتى الآن، ولكن وجود كل هذه القوات على أرض محدودة لا يمنع التصادم لأي سبب من الأسباب، وإذا حدث هذا التصادم فإنه سيستدعي مواقف متناقضة بين الجميع مما قد يؤدي إلى أن تتخذ بعض الأطراف موقفا لا تستطيع التراجع عنه، وبذلك يمكن أن تمتد الحرب والصدام بين هذه القوى وتستعر المعارك خارج الحدود السورية، خصوصا ونحن نعرف أن العدو الصهيوني يتحين الفرصة لإشعال الفتيل والاستفادة مما يجري بأي شكل من الأشكال.
لقد أصبحت الأرض العربية السورية أرضا مفتوحة، مباحة لكل من يريد أن يمارس هوايته في القتل... الكل يتحدث عن ما هو المفروض ان يحدث فيها، وكيف يمكن أن تحدد هويتها في المستقبل، الكل يريد فرض رأيه عليها ويرسم مستقبلها، الكل يتباحث بشأنها ويدلي دلوه، إلا شعبها الذي عليه فقط أن يستقبل قنابل وصواريخ أولئك الجميع وأن يعطي من دمه ثمنا لكل ذلك، ولكن لا رأي له في واقعه أو في صنع مستقبله، الشعب الذي يعيش على أرضه لا يحق له إبداء رأيه أو حتى مشاركة الآخرين في تحديد مستقبله، فقط أولئك القابعون في الخارج يمارسون هذا الدور دون توكيل من الشعب العربي السوري.
انعدام صوت الشعب العربي السوري ترك الأرض العربية السورية مباحة لجميع قوى العالم تعمل فيها حتى دون تنسيق في ما بينها، ولو بحث باحث في عدد القوى المتصارعة هناك لربما وجد الأمم المتحدة بكامل دولها تقريبا أو أغلبها لها دور في أحداث سوريا، وهذه القوى لها مصالح مختلفة، بل متضاربة في الكثير من الأحيان، وهذا التضارب يجعلها تعمل ضد بعضها البعض ومعرضة للاحتكاك بين بعضها، والمشكلة أن الكثير من هذه القوى هي قوى نووية وترى في ذاتها قوة عظمى مما يجعلها لا تتقبل اعتداء أو تحرشا أو تدخلا في عملها من قبل قوة أخرى، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى صدام بينها على الأرض العربية السورية، صدام يمكن أن يمتد إلى خارج هذه الأرض ويطلق شرارة النار ويشعلها ثم يعجز بعد ذلك عن إطفائها، والخاسر الأكبر من كل ذلك هو الشعب العربي السوري والأمة العربية... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية