العدد 2453
الجمعة 03 يوليو 2015
banner
أعداء الديمقراطية والإنسانية أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 03 يوليو 2015

يبدو أن ما يحدث في مصر هذه الأيام بعد جريمة اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات وبعد ذلك ما يحدث في سيناء من جريمة قتل هذا العدد الكبير من جنود مصر سيقود إلى تغييرات كثيرة وابتعاد عن الديمقراطية والحرية، وكل ذلك يحدث في شهر كريم، ومع أن جماعة الإخوان المسلمين تقول إنها ضد ما يحدث وإنه لا علاقة لها به إلا أن الحقيقة غير ذلك بدليل شماتتهم بالشعب المصري على ما يحدث (كما شمتوا بنكسة 1967 ووفاة عبدالناصر “1970” سابقا)، المهم أن هذه الأحداث تجري بمناسبة وقوف الشعب المصري منذ عامين مطالبا بعودة وطن عرض للبيع وكرامة أريد لها أن تنتهك وديمقراطية أوشكت على الموت، لذلك تريد هذه الجماعة – أو الجماعات بعد التفريخ – أن تعاقب الشعب المصري على رفضها وتنشر الحزن في ربوع مصر بدلا من الفرح وقت الاحتفال.
من يتابع الأخبار يفهم بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الجماعات لا تقوم بتلك الأفعال من أجل قضية ما أو رسالة يراد توجيهها أو تغيير تريد له أن يكون أو ديمقراطية مفقودة تريد عودتها أو مطالب تريد تحقيقها، فكل ذلك بعيد عن فكرها وتخيل زعمائها، وإنما تقوم عناصرها بتلك الأفعال بتوجيه من قياداتها من أجل القتل فقط ولا شيء غير القتل، لذلك فإن كل ما يقال من منتميها على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التابعة لها لا معنى له ولا قيمة ولا يمثل غير كذب في كذب ومحاولة ضحك على العقول، خصوصا على من لا يتابع ولا يفهم ما يجري ولا يبحث عن حقيقة هذه الجماعات وربط أفعالها ببعضها، فما حدث في سيناء مؤخرا يوحي بما نقول، خصوصا إذا عرفنا أن هذه الجماعة زرعت شراكا في الطريق الذي من المفترض أن تستخدمه سيارات الإسعاف وهي تنقل الضحايا والجرحى، بمعنى يجب تأخير وصول هذه السيارات إلى المستشفيات حتى يزيد عدد الشهداء وهو ما ترمي إليه هذه الجماعات ومن يؤيدها.
من تابع حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي يوم أمس الثلاثاء يمكن أن يفهم ما تفكر به قيادات البلاد التي تعاني من الإرهاب وكيف يمكن أن تقرر وما هي العناصر التي يقوم عليها أي قرار، فالرئيس السيسي قال في سياق حديثه عن الشهيد هشام بركات إن “بعض القوانين تعيق تنفيذ العدالة أحيانا” وهذا قول خطير لمن يريد التفكير والتمعن فيه، فهو يريد القول إن حقوق المتهمين وطريقة المحاكمات التي تجري حسب قوانين الإجراءات الجنائية الحالية تستلزم الكثير من الوقت والجهد للوصول إلى تطبيق العدالة على ممارسي الإرهاب، وإن هناك حقوقا للمتهمين تعيق توقيع العقوبات عليهم بالرغم من وضوح جرائمهم وضوح الشمس وبالرغم من الأدلة القاطعة على ارتكابهم لأعمالهم الإرهابية.
هذا يعني أن هناك قوانين في الطريق تختصر الإجراءات وقد تغير بعض المفاهيم عن حقوق المتهمين وتهدف إلى وقف الإرهاب وبسط الأمن في المجتمع المصري ومن الصعب أن يلام من يفكر فيها حتى إن كانت غير مطلوبة وغير صحيحة في المجتمعات المستقرة، ولكنها كقوانين الطوارئ التي تطبق في حالات خاصة، وما تمر به مصر وغيرها من بعض البلاد العربية هي حالات خاصة، حتى وإن كانت مصر مختلفة عن تلك البلاد ولم تصل إلى ما وصلت إليه، إلا أنه من الصعب ترك الحال ليسير في طريق البلاد الأخرى التي انتشرت فيها الفوضى.
ما نفهمه أن الوضع يستلزم توحد المجتمع بجميع مكوناته لمواجهة حالة العنف والإرهاب التي تحدث، ولكن ما نراه أن هناك بعض التيارات لا تفهم ذلك، وفي نفس الوقت فإن الوضع يستوجب نوعا من التصالح بين النظام والتيارات التي لم ترفع سلاحا ولم تمارس عنفا ولم تقتل نفسا بشرية، هذه التيارات يمكن احتضانها من جديد كلبنة لبناء المجتمع المستقر المطلوب... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية