العدد 2417
الخميس 28 مايو 2015
banner
اين تذهب يا مواطن؟ أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الخميس 28 مايو 2015

لا يعلم هذا المواطن إلى من يلجأ وماذا يفعل، فالكل يستغله ويستخدمه لمقاصده وهو حائر تائه لا يدري كيف يتصرف حيال ما يعانيه، وهو الذي يظنّه الغير أنه يعيش في عزّ وبحبوحة كونه في دولة غنية، إلا أنهم لا يعرفون حقيقة وضع المواطن الذي تتقاذفه الأنواء كل فترة و”يحارب” من اجل لقمة العيش، ويتحدث عنه أحد النواب فيقول إن راتبه لا يكفيه حتى العشرين من الشهر التالي، وكأنه لا يعلم أن كثيرين ينتهي راتبهم بعد يومين أو ثلاثة من تسلمه، فكان هذا النائب يعيش في دولة أخرى ويتعامل مع بشر آخرين غير من نعرف.
فهذا المواطن هو الوحيد في دول الخليج العربي الذي يقبل العمل في أية وظيفة تقريبًا، وربما يكون الوحيد الذي على استعداد لممارسة مهنتين في وقت واحد، صباحًا ومساءً، كون المهنة الواحدة لا توفر له احتياجاته واحتياجات من يعيل، وكلما أراد أن يستفيق تأتيه الحكومة ببلوى جديدة وكأنها تصرّ دائما على جعله يعيش في دوامة مستمرة لا يفيق منها حتى لا يفكر ولا يعمل على التطوير الذي هو سنة الحياة.
قلنا منذ أيام، إن قضية اللحوم التي بدأتها الحكومة ليست هي الأساس، بل هي لا تعدو مقدمة لأمور أخرى، والمقدمة عادة مختصرة وقليلة ولكنها تعطي الفكرة عما هو قادم، وهو أشد وأنكى. رأينا تصريح وزير الإعلام عن الدعم، وفهمنا جميعا أن الدعم في طريقه للرفع عن باقي السلع كالكهرباء والماء والغاز... الخ، شئنا أم أبينا، فالمواطن كما قلنا كثيرًا هو “الطوفة الهبيطة” للجميع، يأخذون منه ما يريدون عند حاجتهم ولكنهم لا يقدمون له شيئًا عندما يكون هو صاحب الحاجة، وهو المورد للميزانية الحكومية التي تتناثر هنا وهناك لكل شيء غير حاجة المواطن.
لدينا مجالس منتخبة لا همّ لأعضائها غير أنفسهم (أغلبهم بطبيعة الحال)؛ إذ إن من يهتم بالمواطن منهم مقيد لا يستطيع التأثير، هذا إن وجد. لذلك يتنافس الكثير من أعضائه بالصراخ في بعض الجلسات والحديث عن المواطن ومعاناته وتوجيه اللوم للحكومة على أفعالها بحق هذا المواطن، ويتبارى الكثيرون منهم بتصوير أنفسهم في بعض الجلسات ونشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي للقول بأنهم يدافعون عن البشر ويقفون معهم ليمنعوا اللوم عنهم، إلا أن ذلك الصراخ في وجه الحكومة سرعان ما يتبخر كالسراب بلا تأثير على أرض الواقع.
الكلام كثير ومتنوع، ولكنه بلا تأثير في الجانب العملي. فالتأثير يكون في الفعل العملي والصوت (عند التصويت) داخل المجلس ورفض الميزانية وسحب الثقة من بعض الوزراء المشاركين في ما هو قادم بحق المواطن. التأثير الحقيقي يكون عندما يأخذ المجلس دوره الطبيعي في الانحياز للمواطن قبل كل شيء وليس للذات قبل المواطن. التأثير يكون عندما يلتقي النواب مع البشر في مكاتبهم ومجالسهم ويتبنون معاناتهم وليس بالهروب منهم، فنحن لا نلوم القلة التي تعجز عن التغيير عندما تعمل على التغيير، ولكننا نلوم الهاربين من المواجهة مع الناس من غير العاملين على التغيير والباحثين عن المجد الشخصي لأنفسهم، وإذا وجد الجادون منهم أنفسهم عاجزين عن أداء دورهم الطبيعي في خدمة الناس فليس لهم غير تقديم استقالتهم من المجلس وترك الحكومة في موقف لا تحسد عليه لتعي من خلاله أنها تتعامل مع مجلس للشعب... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .