العدد 2416
الأربعاء 27 مايو 2015
banner
الحقيقة الضائعة في حالنا العربي أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأربعاء 27 مايو 2015

هل هي حقيقة غائبة فعلاً أم مغيّبة، أم هي ضائعة بين الأحداث يصعب البحث عنها، أم ربما من افتعل ما نحن فيه أراد لنا أن نتعب ونحن نبحث عن الأسباب والدوافع التي آل إليها وضعنا العربي ومنابع التخريب والإرهاب التي نعاني منها، فلا يوجد شيء واحد به نوع من الوضوح الذي يجعل المواطن العربي يفهم ما يجري، فقط التردي الذي نعيشه ولا نعرف متى ينتهي، بل لا نعرف كيف بدأ.
لا أظن أن بيننا من يستطيع تذكر كيف بدأت ما يطلق عليها جبهة النصرة في سوريا على سبيل المثال، ولا يوجد من يتذكر كيف أطلقت أعمال ما أسمي بداعش أو تنظيم الدولة الإسلامية حاليًّا، والأهم من كل ذلك أنه لا يوجد بيننا نحن المواطنين العاديين من يستطيع فهم حقيقة ما يجري في العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن أو أي جزء من أجزاء وطننا العربي الكبير، بل حتى مصر العروبة التي تمكنت من النجاة مما حيك لها في الظلام وتمكن شعبها بدعم من جيشها من إنقاذها من المؤامرة يصعب على كثيرين فهم حقيقة ما يجري فيها.
كل ما نراه ونسمعه أو نشاهده في الأخبار يحمل بين طياته متناقضات كثيرة تدفع بمحاولة الفهم إلى طرق مختلفة ومتباينة، في العراق يحتل تنظيم الدولة جزءًا كبيرًا من الأراضي ونسمع أن النظام يحاربه ويطرده من موقع لنشاهد التنظيم في موقع آخر وبسرعة ولا أحد يفسر كيف يحدث ذلك، بل مع الادعاء بمحاربة الدولة للتنظيم نجد الجيش العراقي أو ما يسمى بالجيش العراقي يخلي الكثير من المواقع ليدخلها التنظيم الذي يحاربه ذلك الجيش، والتحالف الدولي يمارس الحرب ضد التنظيم لأكثر من عشرة أشهر في قصف متواصل، إلا أن هذا القصف لا يأتي بنتيجة واضحة ولا يتمكن من إضعاف التنظيم، مع أن هذا التحالف تمكن من تدمير العراق صاحب الجيش القوي والموارد الكبيرة في أقل من شهر واحد، ونسمع أن إيران تحارب هذا التنظيم في العراق، ولكن نسمع أن هذا التنظيم يخدم أهداف إيران في العراق ويمارس عملية تدمير الأماكن التي تناهض التواجد الفارسي هناك ... كيف يمكن حل هذه المعادلة؟.
هناك من يقول إن هذا التنظيم سلفي الفكر والمنهج لوجود العديد من أصحاب الفكر السلفي على رأس قيادته، ولكنه يمارس القتل في المناطق ذات الكثافة السنية ولا يقترب من المدن ذات الكثافة الشيعية لا في العراق ولا في سوريا، وهناك من يقول إن التنظيم نشأ على يد المخابرات الأميركية، ومع ذلك يقال أن الولايات المتحدة الأميركية تحارب! التنظيم في العراق وسوريا دون نتيجة أو تأثير وتدعم النظامين هناك علنًا في حربهما عليه.
في ليبيا نرى التناقض في المواقف العربية والإسلامية حيال ما يحدث بين شرق ليبيا وغربها، وكلا الطرفين يتحدث عن وطنيته وخوفه على الوطن وحرب يخوضها ضد أعداء هذا الوطن، والدول العربية والإسلامية منقسمة بين الاثنين، منها من يدعم البرلمان المنتخب وقوات اللواء خليفة حفتر في الشرق الليبي ومنها من يدعم المليشيات في طرابلس والغرب الليبي، ولا أحد يعرف كيف يستطيع كلا الطرفين من تدبير الموارد لمحاربة الآخر.
في اليمن لا أحد يعرف الحقيقة على الأرض اليمنية، ولا نعني هنا حقيقة الحرب أو الأطراف فيها، فالجميع يعرف أن اليمن وقع تحت الاحتلال الحوثي والتحالف الحادث بين الحوثيين وعلي عبدالله صالح، ولكننا نعني حقيقة الوضع على الأرض وما يجري فيها من حيث من يملك الأمر في المدن اليمنية، ومن يتحكم في المواقع. ولماذا يستمر الحال هناك على ما هو عليه حاليًّا؟ ولماذا لم يتمكن الشعب اليمني حتى الآن من طرد جماعة الحوثي وصالح من المواقع التي يحتلونها؟ وكيف يتمكن الانقلابيون من البقاء حتى الآن رغم حرب التحالف العربي ضدهم.
الكثير من المتناقضات تعيشها الأرض العربية ويبحث المواطن العربي عن تفسير لها فلا يجد غير أمر واحد، وهو أن الخاسر في كل ذلك حتى الآن هو المواطن العربي نفسه وأن ما يحدث جزء من مؤامرة كبرى حيكت لهذا الوطن ويساهم جزء منه في تكريسها وتنفيذها على أرض الواقع ... والله أعلم.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية