العدد 2412
السبت 23 مايو 2015
banner
هذه مجرد بداية فقط أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
السبت 23 مايو 2015

لا نريد إلقاء اللوم على الحكومة في كل شيء وهي التي يبذل أعضاؤها الكثير من أجل المواطن وراحته ومستقبله، الحكومة التي نرى أعضاءها منتشرين في كل مكان يتحدثون للمواطن ويبحثون عن مصادر راحته ليزيدوها، ومصادر قلقه ليعملوا على وقفها، الحكومة التي يخرج وزراؤها للمواطن عند أبواب مكاتبهم لو فكر اي مواطن زيارة وزير أو مسؤول لنقل مشكلة أو نغيصة يعاني منها ثم يودعوه عند باب المبنى بعد ان ينتهي اللقاء، الحكومة التي تسابق أشاوس مجلس النواب في حل مشاكل المواطنين ووضع الخطط لمستقبلهم... الخ، لا نريد إلقاء اللوم على فتح باب المزايدة على الإمعان في إفقار المواطنين بزيادة أسعار اللحوم او التوجه لزيادتها بعد أيام كونها لم تجد وسيلة أخرى لزيادة دخل المواطن غير هذه، فقد رفعت الرواتب إلى أقصى درجة وأوجدت أنواعا من العلاوات ليست موجودة في دولة أخرى وهي الآن فكرت في علاوة زيادة أسعار اللحوم التي ستنثرها على المواطنين كما ينثر الورد على المحتفلين دون تمييز ودون تحديد!
ربما نلقي اللوم على استراليا أو نيوزيلندا او السودان او ربما الصومال التي تبيعنا اللحوم، او الشركات المحلية التي زادت لديها نسبة العمالة الأجنبية التي تستخدم تلك اللحوم أو أصحاب النفوذ ممن يجلبون عمالة سائبة بمقابل مادي وينشرونها بيننا لتبحث عن أي عمل وتدفع لمن جلبها، أو أية جهة أخرى غير الحكومة، فهي حكومة ليست مسؤولة عن البذخ والإسراف الذي عليه المواطنون والذي من خلاله يستخدمون تلك اللحوم اكثر من أي شعب آخر ولا عن الأموال المكدسة لدى مواطنيها وتملأ المصارف المحلية والأجنبية كون المواطن عندنا لا يصرف شهريا أكثر من 10 % من راتبه ويدَّخر الباقي لقادم الأيام وهي التي نراها تقترب أسرع مما نتصور وما ستقوم به حكومتنا برفع الدعم عن اللحوم ليس إلا مقدمة لما سيحدث في المستقبل القريب.
هذه البداية تريد من خلالها معرفة ردة فعل الشارع الذي كبله مجلس “النواب” وسنرى قريبا أمورا أخرى كثيرة تتغير وتقفز قفزا، فأسعار الوقود سترتفع لتصل إلى أكثر من 300 فلس لللتر الواحد ورغيف الخبز إلى مئة فلس بدلا من عشرين فلسا وسيدفع المريض عند دخوله المركز الصحي للعلاج وستزداد رسوم الخدمات بكل أشكالها من ماء وكهرباء وبلدية (البلدية التي تأخذ اموالنا دون مقابل يذكر وبالقوة المادية) والنتيجة النهائية لكل ذلك ستتمثل في ان الراتب الذي قال عنه رئيس الجهاز المركزي للمعلومات مؤخرا من انه 700 دينار كحد أدنى لمنع الدخول في خط الفقر - مع ان الأغلبية لا يحصلون عليه - هذا الراتب او الدخل سيهبط في قيمته الشرائية الحقيقية من 700 دينار إلى ما يقرب من 200 دينار، بمعنى ان الأغلبية من المواطنين سيدخلون تحت خط الفقر.
لم تفكر الحكومة في طريقة أخرى لترشيد قضية الدعم، ليس لانعدام تلك الطرق والوسائل، بل لأن الدعم ينطلق من مبدأ إنساني اجتماعي تتوجه الحكومة لمحاربته والتخلص منه ويرفضه البنك الدولي ظنا منهم انه مخالف لمبادئ النظام الرأسمالي وقريب من الفكر الاشتراكي مع أن المبدأين أثبتا فشلهما عمليا، لذلك تتجه حكومتنا لترك مبدأ الدعم والتوجه لفتح السوق على مصاريعه وترك المواطن يحارب من ذاته وهو مقيد ويعاني كما يعاني آخرون في دول أخرى نسمع عنها وتبعث أبناءها ليعملوا عندنا ويكسبون رزقهم.
قد لا نوجه اللوم لها كحكومة فهذا هو عملها وهي التي لم تبحث عن وسيلة أخرى (مع أنها كثيرة) لخفض الميزانية غير جيب المواطن، ولكن نوجه اللوم، أو ربما سنوجه اللوم قريبا، إلى من يمثل المواطن ممن رفعوا سيوفهم ورماحهم اثناء الحملات الانتخابية ووجهوها للحكومة وبعثوا رسائل التحذير لها، هؤلاء نحن على يقين بعدم فعلهم ولكننا نأمل التغيير فيهم وفي غيرهم... وكفى... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .