العدد 2361
الخميس 02 أبريل 2015
banner
القوة العربية المشتركة والوطن العربي أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الخميس 02 أبريل 2015


يعرف المتابع أن قرار تشكيل القوة العربية المشتركة وقبلها التحالف العسكري العربي الذي يقود الحرب في اليمن حاليا، كان بعيدا ولأول مرة عن الهيمنة الغربية، بل يذهب البعض إلى أن ما حدث فاجأ الغرب والولايات المتحدة الأميركية وأحرجها ودفعها ربما مرغمة إلى القول بدعمها لوجستيا ومخابراتيا، ومع أن التحالف مختلف عن القوة المشتركة إلا أنه يمكن أن يكون نواة لها، ولكن ذلك يجب أن يتم بنجاح التحالف في تحقيق المهمة التي نشأ من أجلها وهي تحرير اليمن من الهيمنة التي وقعت والتدخل الإيراني في شؤونها، بالتالي يجب تركيز الجهد العربي الآن على هذه المهمة لأنها ستحدد مسيرة العمل العربي المشترك ومصير القوة العربية المشتركة.
بنجاح التحالف العسكري الحالي ستكون أمام القوة المشتركة مهام كثيرة تتناسب وما حاق بالوطن العربي طوال العقود الماضية والضعف الذي كان عليه هذا الوطن خلال تلك الفترة التي دفعت بالكثيرين للاستهانة بهذه الأمة والتدخل في شؤونها بهذه الطريقة أو تلك، وسيمثل هذا النجاح كذلك درسا وخبرة كبيرة ستضع القوة على الطريق الصحيح الذي يراد لها والذي يمثل الهدف من إنشائها، من هنا يأتي القول إن على دول التحالف أن تفهم أنها يجب ألا تستنزف في هذه الحرب، فنحن على وعي كامل بأن هناك من يريد استنزافها بكل الوسائل وقد يجدها الآن فرصة مواتية لممارسة هذا الاستنزاف الذي قد يواكب الانخفاض المستمر في أسعار النفط وانخفاض مداخيل الدول الرئيسية في هذا التحالف.
هناك من سيباشر العمل على تقوية أطراف الانقلاب في اليمن، ليس الجانب الإيراني فقط، ولكن معه ستتوافق أهداف أجهزة المخابرات الغربية التي من ضمن اهدافها ورسائل عملها ان يكون هناك وطن عربي ضعيف غير قادر على اتخاذ القرار، وإذا أخذ قرار وطني فلن يكون قادرا على تنفيذه، وهو ما يدفعنا للقول بعدم الاتكال على معلومات أجهزة المخابرات الغربية التي تحدثت عنها الإدارة الأميركية التي تملك ما لا يملكه غيرها من قدرة تجسسية وأقمار صناعية تحيط بالكرة الأرضية، وحين نقول عدم الاتكال فإننا لا نعني عدم الاستفادة، فالفرق كبير بين الحالتين، لأن الاتكال يعني الاعتماد الكامل على ما يرد من تلك الأجهزة والعمل على أساس ما تقدمه من معلومات، أما الاستفادة فإنها تعني التأكد مما يرد من تلك المعلومات ومطابقتها بما لدينا قبل الشروع في استخدامها والاستفادة منها.  الحرب الحالية يجب ألا تطول أكثر من اللازم وتخلق معها استياء شعبيا يمنيا ينتج من المعاناة التي ستخلفها الحرب على الشعب اليمني، فهذه الحرب مهما كانت دقيقة وانتقائية إلا أنها ستخلق نوعا من الحصار على الشعب اليمني وستوجد شحا في الكثير من المواد التموينية وتنتج معها شعورا غير طبيعي، وتعطي الفرصة لأعداء الأمة والناقمين عليها لاستخدام هذه المعاناة بصورة سيئة وغير حقيقية، ونحن نعرف كيف يمكن قلب الحقائق وتزييفها عندما تكون هناك بيئة مناسبة لذلك.
كنا قد قلنا في مقال سابق انه من الضروري التأني في الانتقال للحرب البرية لتحرير اليمن وربما مازلنا على هذا الموقف، ولكن هذا الأمر يجب ألا يطول أكثر من اللازم، فالحقيقة التي يجب ألا تغيب هي أن هذه الحرب أمر لابد منه لاستكمال التحرير الذي لن يحدث بالحرب الجوية فقط، بالتالي من المهم تحريك القوة الشعبية في داخل اليمنن لتهيئة وخلق البيئة المناسبة للتدخل البري العربي الذي يجب ان تنتج عنه إعادة هيكلة الجيش اليمني وتغيير رسالته عن طريق القيادة الشرعية اليمنية الحالية.
نفهم الدافع من وراء دعوة ووزير الخارجية اليمني الحالي للإسراع في التدخل البري ونحن يمكن أن نكون معه في التدخل ولكن ليس في التوقيت، فالحرب البرية ستأخذ معها أرواحا كثيرة يمكن الحفاظ عليها بجعل هذا التدخل آمنا ومسبوقا بأرضية مهيئة كما قلنا ومتوازيا مع ضعف كبير يتسم به الجانب الآخر، ونعني به الحوثيين وأتباع علي عبدالله صالح، وكذلك انهيار وسائل الاتصال لديهم تجعل منهم عميانا لا يعرف أي طرف ما يفعله وما يريده الطرف الآخر.
نقول ذلك لأننا نعرف أن هناك مهمات كثيرة تنتظر القوة العربية المشتركة التي لن تنجزها ما لم يتم انجاز تحرير اليمن من الاحتلال الحالي بصورة نظيفة... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .