العدد 2360
الأربعاء 01 أبريل 2015
banner
انتهت القمة فماذا بعد؟ أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأربعاء 01 أبريل 2015

لابد من الإقرار بنجاح القمة العربية الأخيرة وتميزها عن سابقاتها من القمم العربية منذ ما بعد حرب أكتوبر عام 1973، فجميع تلك القمم كانت عبارة عن اجتماعات كلام وليس فعلا... قمم خلاف بين الأطراف وتباعد في مواقفها... قمم لم تنتج شيئا للوطن العربي، بل كانت تعلن تبعيتها للغرب في قراراتها ومداراتها له أو خوفها منه، بل ربما كانت البيانات الختامية تعرض على ذلك الغرب قبل صدورها من القمة، أما القمة الأخيرة فكانت مختلفة عن كل ذلك ونشعر بأنها تتجاوب مع مطالب المواطن العربي وتشعره باستقلاليته أو استقلالية قراره وأنها قمة عربية وليس غربية.
والقرار بخصوص إنشاء قوة عربية مشتركة كنا نتمنى أن يحصل على إجماع، ولكن يمكن القول إن عدم حصوله على ذلك الاجماع يعطيه المصداقية التي انتفت عما سبقه من قرارات في الاجتماعات العربية، وهو يعني وجود أطراف عربية بدأت تعرف الطريق وحتما ستلحق بها الأطراف الأخرى عندما تتحرر من الأثقال التي تعيق حركتها وتعرف الطريق الصحيح للمسار العربي، ومع ذلك لابد من الحديث عن نتائج القمة وما إذا كانت تصل إلى الطموح الشعبي العربي أم لا، فنجاحها في الكثير من قراراتها لا يعني أنها وصلت إلى درجة الكمال.
فالقمة أولا لم تجد الطريق الاجتماعي في قراراتها ولم تتحدث عن الأمور التي تحركت لها الأقطار العربية خلال السنوات الأخيرة والتي كانت تمثل الشعارات التي رفعها المتظاهرون هنا أو هناك كالعيش الذي يمثل الجانب الاجتماعي للديمقرطية أو الحرية التي كانت تمثل الجانب السياسي لها ومعهما العدالة الاجتماعية، فقط نوقشت قضية محكمة حقوق الإنسان العربية والتي تحدث عنها الوفد البحريني وشدد على اهمية ان ترى النور في وقت قصير، وفهمنا أن هناك بعض المعوقات التنظيمية أو الإدراية التي قد تؤخر ولا تمنع رؤية هذه المحكمة للنور، مع انها قضية مهمة وشعبية تحسب لمملكة البحرين التي بادرت باقتراحها وستحتضنها على أرضها.
وثانيا قرار إنشاء القوة العربية المشتركة، حيث إن الجانب الإيجابي فيها يتمثل في إقرارها وكذلك في عدم ترك الأمر للجان القادمة التي سيتم تشكيلها من أجل أن ترى القوة النور، بل تم وضع ما يمكن أن يطلق عليه برنامج تنفيذي يبدأ بتحديد فترة زمنية لاجتماعات رؤساء الأركان وصدور صيغة تنفيذية من قبلهم حول القوة وفي فترة زمنية محددة من قبل قادة الدول العربية، بمعنى ان البرنامج التنفيذي الأولي تم إقراره في القمة حتى لا يتم التلاعب به بعد ذلك ووضع المعوقات، والجانب الإيجابي الثاني في هذا المجال هو عدم وجود اجماع ورقي على إنشاء القوة بل وافقت الأغلبية التي فتحت الباب لمن يريد المشاركة فيها وهذا يمكن أن يعطيها نوعا من المرونة المفقودة في الكثير من قرارات القمم العربية التي تتطلب دائما الإجماع المفقود في وطننا العربي.
ولكن في هذا المقام نخشى وجود سلبية واحدة في المشروع وهو الهدف من الإنشاء الذي حدد على أساس حفظ الأمن والاستقرار في الدول العربية والذي ربما يعني النظام العربي دون التطرق إلى الطموح الشعبي العربي في هذا المقام وحماية المواطن العربي من ظلم نظامه كما نرى في سوريا الآن والعراق معها، فنحن نفهم أنه مازالت هناك انظمة عربية غير شعبية أو بعيدة عن طموحات ومتطلبات الشعب العربي وتسير في الفلك الأجنبي، فهل ستكون القوة العربية المشتركة في خدمتها كذلك على حساب الشعب العربي؟
ولكن ما يخفف من هذا الهاجس هو التوجه القومي والوطني الذي نراه عند الكثير من قيادات الدول العربية والذي ربما يكون أحد إفرازات الحراك الشعبي الذي ساد الوطن العربي خلال السنوات الماضية والذي ربما يمنع النظام العربي من السير على الطريق الذي اعتاده قبل ذلك، ولكن المهم في هذا السياق هو إبعاد الولايات المتحدة عن المشروع أو التدخل فيه تحت أي سبب من الأسباب، خصوصا ونحن نتمنى ان يكون لهذه القوة دور يتمناه المواطن العربي مستقبلا ويتمثل في تحرير الكثير من الأراضي التي مازالت تحت الاحتلال سواء الصهيوني أو الإيراني أو غيره من أدوات الاحتلال... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .