العدد 2333
الخميس 05 مارس 2015
banner
“التأمينات” تمييز في كل مكان أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الخميس 05 مارس 2015

نحن لسنا ضد جهة على حساب جهة أخرى أو من أجل جهة أخرى، بل نحن مع المساواة بين البشر في كل مكان وكل زمان، لا فرق بين هذا وذاك فجميعهم سواسية في الحقوق والواجبات، ولن نتحدث كما تريد المجتمعات الشيوعية ونقول كل حسب إنتاجه وعطائه، فهذا أمر آخر لا ينطبق بحذافيره على كل شيء ولا يراعي الفوارق الإنسانية بين البشر، ولكن كما يبدو أن وزير المالية في رده على سؤال نيابي عن مكافآت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لموظفيها لا يريد التفكير في المساواة بين البشر ولا نعلم لماذا؟، فهو يتحدث عن تلك المكافآت على أنها حق مكتسب لموظفي الهيئة منذ ثلاثين عاما، فهل يتحدث الوزير عن الأمر على أنه شأن حكومي ويبادر للدفاع عنه كونه يقع في نطاق مسؤوليات وزارته المسؤول عنها أمام مجلس النواب أم انه غير ذلك؟.
بمعنى آخر هل موظفو الهيئة يعدون في مصاف موظفي الحكومة أم انهم قطاع خاص مستقل، فلو كانوا موظفي قطاع خاص مستقل، فلا شأن لنا بالأمر كون أصحاب هذا القطاع هم المسؤولين عنه ولا حق لأحد في مساءلتهم، أما إن كانوا من موظفي القطاع العام الحكومي فإن الأمر يستحق، بل يستوجب المساءلة والتحقيق في السبب الكامن وراء كون هذا الأمر - المكافأة السنوية لجميع الموظفين - نظام متبع منذ ثلاثين عاما كما يقول الوزير.
هنا يتبادر إلى الذهن سؤال عن الذي وضع أو أقر هذا النظام وما إذا كان من حقه فعل ذلك في الوقت الذي يكون فيه المال المقصود هو مال مواطنين ومقيمين وضعوه لمستقبلهم وليس لمكافأة العاملين عليه والمستثمرين له، مال ساهمت لحكومة بجزء منه وهذا يجعله مال عاما وليس خاصا، ولا يحق لا للوزير ولا لغيره التصرف فيه بالطريقة التي تحدث بها، فموظفو الهيئة يحصلون على رواتب منتظمة جراء خدمة هذا المال وخدمة أصحابه وساهموا - الموظفين - في خسارة جزء كبير منه (كما ورد ويرد على لسان المسؤولين باستمرار)، فكيف يحصلون على مكافأة على عمل خاسر (كما يقولون)؟ بل من الأولى والأجدر أن يحصل المتقاعدون على مكافأة سنوية من أموالهم المستثمرة وليس الموظفين.
ما يمكن فهمه أو استنتاجه على الأقل أن هؤلاء الموظفين هم جزء من القطاع العام الحكومي، وهو ما يعني وجوب أن تنطبق عليهم أنظمة الخدمة المدنية حالهم حال باقي موظفي الدولة، لا تمييز بين الجميع فكلهم على قدر واحد من المساواة، فإذا أراد الوزير منح موظفي الهيئة مكافأة سنوية من أموال المتقاعدين فعليه إيجاد الميزانية المناسبة لمنح جميع موظفي الدولة المكافأة ذاتها دون تمييز بل بالمساواة، وقبل ذلك احتساب هذه المكافأة للمتقاعدين أنفسهم، أما غير ذلك فأمر غير منطقي، ولا يمكن إطلاق اليد للعبث بأموال الناس الذين وضعوها ومعهم الدولة لسنوات طويلة؛ كي يستفيدوا منها بعد ترك العمل، فموظفو الهيئة ليسوا موظفين من الدرجة الأولى وغيرهم من الدرجات الأخرى المتدنية.
البنوك أو الشركات الخاصة حين تمنح المكافآت فإنها تمنحها على أساس الإنتاجية لكل فرد وبقرار مسبق من مجلس الإدارة الذي يمثل غالبية المالكين للأسهم فيه، وهو في الوقت نفسه يمنحها بوصفها جزءا من الأرباح التي حصل عليها المصرف أو الشركة، أما الهيئة فتقولون إنها تخسر وتتحدثون عن العجز الاكتواري في كل مناسبة، فمن أين تأتي أموال المكافآت التي تصل كما ورد في الصحف مؤخرا إلى خمسة ملايين من الدنانير؟... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية