العدد 2332
الأربعاء 04 مارس 2015
banner
أمة الصفعات أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأربعاء 04 مارس 2015

كلما صفعونا بـ “كف” شغلونا بأمور أخرى لننسى ذلك الكف أو تلك الصفعة، ثم ما نلبث أن نصفع بكف آخر وبعده ننشغل بأمر غيره في انتظار الكف أو الصفعة الجديدة، وهكذا دواليك... كف وراء كف وصفعة تعقبها صفعة ونحن غائبون مغيبون نتلقى الصفعة بعد الأخرى ونبتسم في انتظار الجديد، هذا هو حالنا نحن العرب ومنذ سنوات طوال، بل الأدهى والأمر أننا نؤمر أحيانا بصفع أنفسنا فنمتثل للأمر ونحن فاغري الأفواه نضحك معتقدين أننا منتصرون.
يقال إن شر البلية ما يضحك، فإذا كان هذا القول صحيحا فهو ينطبق على حالنا نحن العرب في العصر الحديث كون ما نحن فيه منذ سنوات متوشحا بالبلاء في كل شيء تقريبا حتى وصلنا إلى نسيان انفسنا وأهلنا ومن له حق علينا وتركناه فريسة لكل من هب ودب دون أن نحرك ساكنا، فقد سرت البلادة في عروقنا، فقد زرعتها فينا الأنظمة العربية التي عملت عليها لسنين طويلة حتى صارت سمة من سماتنا ونجح النظام العربي في ما أراد له أن يكون حال الشعب العربي في كل أقطاره.
لا أظن أن هناك فردا عربيا، وحين نقول عربيا فإننا نعني العربي الحقيقي وليس من يحمل الصفة العربية دون الهوية العربية والانتماء العربي، لا أظن أنه يوجد فرد من العرب الحقيقيين من لا يبتسم أو ربما يضحك عندما يجلس أمام شاشات الأخبار وتبدأ النشرات في سرد ما يحدث في وطننا العربي الكبير، خصوصا في شمال الجزيرة العربية حاليا ونعني به الشام والعراق، وهي المنطقة التي تنتهك فيها العروبة كل ساعة بل كل دقيقة ومعها العرب في الوقت الذي يجلس فيه باقي العرب متفرجين فاغري أفواههم وكأنهم أصابتهم البلادة وانعدام الفهم وعدم القدرة على التفكير والمعرفة.
حتى عندما ثار المواطن العربي في مواقع كثيرة بعد أن فاض به الكيل ونزع منه حاجز الخوف من النظام العربي ووجد الوسيلة التي بها يستطيع الخروج من فلك هذا النظام، حينها لم يتركه النظام العربي بل حارب من أجل وأد حركته الجماهيرية الشعبية واستعاد توازنه الذي فقده لسويعات قليلة وبدأ الحرب المضادة التي أعادته إلى الواجهة وأعادت له القدرة على التحكم في سير الأحداث وتحول ما أطلق عليه ربيعا عربيا إلى شتاء قارس أنتج ما نراه اليوم في مواقع وبلاد عربية كثيرة.
عرب شمال العراق تركوا منازلهم بعد دخول ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية – وهو التنظيم البعيد عن الإسلام كما قلنا سابقا – ولكن هؤلاء العرب يعجزون عن العودة بل يمنعون من العودة إلى منازلهم بعد خروج ذلك التنظيم من بعض المناطق العربية والسبب أن هناك من يمنعهم من العودة من الأكراد والفرس الذين أضحت لهم الهيمنة على العراق والشام حاليا، فهؤلاء العرب يحاربون من العرب ومن الأكراد ومن الفرس ولا يجدون نصيرا لهم بل يتركون فريسة لكل من هب ودب، والمشكلة أن معاناتهم توضع في أسفل الاهتمامات حتى في نشرات الأخبار، مع أنه ومن أجل عشرة أفراد قتلوا في فرنسا كما نذكر قامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن، فهل وصل الدم العربي والعرض العربي إلى هذه القيمة أو إلى اللاقيمة على الإطلاق في سوق السياسة والإنسانية.
من المسؤول عن كل ذلك؟ من الذي يقع عليه اللوم في وصولنا إلى هذا الوضع المزري؟ هل هو النظام العربي الذي نلقي عليه اللوم في كل شيء مع أنه لا يتجاوز أفرادا يعملون على مصالحهم التي تتناقض ومصالح الشعب العربي، أم هو الإنسان العربي الذي رضي بالإذلال وخنع وسكت وخاف من انتقام النظام العربي الذي مازال يرفع العصا في وجه كل من يحاول الحديث قبل الحركة، من لديه جواب فليقله دون خوف... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .