العدد 2302
الإثنين 02 فبراير 2015
banner
عنف وعنف متبادل... إلى متى؟ أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الإثنين 02 فبراير 2015

منذ سنوات كثيرة ونحن نسمع ونقرأ ونشاهد صورا لأحداث العنف التي سادت عالمنا وبالذات عالمنا العربي والإسلامي في سلسلة لا تنتهي ولا أحد يعرف متى بدأت أو لماذا أو ما الحل لوقف كل ذلك؟
عرب يقتلون على الهوية في العراق المحتل ويهجرون ويسجنون بلا سبب إلا الخوف من انتمائهم الديني، وتفجيرات على الجانب الآخر في باكستان تحدث في مساجد وأماكن عامة موجهة ضد دين أو مذهب معين، وعرب يقتلون في إيران وسوريا يوميا نرى جثثهم متناثرة هنا وهناك بلا سبب منطقي ولا مبرر مقبول لما يحدث، حتى وصلت أعداد الضحايا إلى المئات يوميا يقتلون ليس لذنب اقترفوه وليس تنفيذا لحكم واجهوه، بل لانتمائهم الديني أو العرقي أو المذهبي، وكأن الدين غدا اداة حكم تزهق من خلاله الأرواح وتغتصب النساء أو تسبى في عودة للقرون الأولى وقبل الدين الإسلامي الذي يستخدمه البعض وسيلة لهدمه والإساءة إليه.
يبدو أنه لا ذنب للدين أو العرق أو المذهب في تلك الأمور بقدر ما يكون السبب الإنسانية - كاسم وليس كصفة – حيث إن العنف صفة التصقت بالبشر منذ الخليقة وليست جديدة، إلا أنها في زمننا الحالي التصقت بمبررات أخرى بعيدة عن الإنسانية وحدات، لتجد أسبابا اخرى واختزلتها في الدين الذي لا علاقة له من قريب أو بعيد، لذلك بدأ القتل في الكثير من المناطق تحت ذريعة الاختلاف الديني أو العرقي أو المذهبي.
الديانات السماوية جميعها نزلت في دعوة للسلام والمحبة والأخلاق والعطف المتبادل بين البشر وعمل جميع الرسل بلا استثناء على نشر تلك المبادئ بيننا كبشر، بل مات الكثير منهم في سبيل تلك المبادئ الإنسانية، ولكننا نحن البشر حدنا عن الطريق وآثرنا المعصية والسير في طريق آخر مفاده الحقد والكراهية والعنف المتبادل ووصل بنا الحال إلى إباحة قتل الآخرين عندما نختلف معهم في أي أمر من الأمور وبالذات عندما نختلف في الدين أو العرق أو المذهب.
من يقدم على جريمة قتل نفس وتثبت بحقه تلك الجريمة يكون له الحق في أن تمر قضيته بأربع أو خمس مراحل حتى يثبت بحقه حكم القصاص ويتم إعدامه، عل مرحلة من المراحل الخمس تجد ثغرة تحفظ بها نفس وحياة ذلك المحكوم، أما الإنسان العادي فيعطي نفسه الحق في الحكم على مجاميع من البشر بالقتل وبجرة قلم لأنهم فقط مختلفون معه في أمر من الأمور، فلماذا وصل الحال بالبشر إلى هذا المستوى المتدني من مستويات الإنسانية التي تحمل صفة المثالية ولكنها انحدرت في زمننا الحالي إلى أدنى الدرجات، ولماذا يزداد العنف بينا نحن المسلمون على عكس مضمون ديننا الإسلامي ودعوته السمحة للتعايش مع المختلفين معنا فما الحال بين بعضنا البعض.
هل السبب في كل ذلك كامن في الإنسان نفسه وميله الدائم لنبذ الغير، أم في تربيته النفسية والدينية، أم يكون السبب في كيفية معيشته وما يلاقيه في حياته اليومية من ظلم وغياب للعدالة وانعدام للمساواة مناقضة للدين الذي يحمله في ذاته إلى الدرجة التي تبعده نفسه عن حقيقة دينه، لذلك نشاهد العنف والقتل المتبادل ينتشر أكثر في الدول الفقيرة ديمقراطيا التي ينتشر فيها الظلم والجور من البشر ضد البشر ويسودها الحرمان الذي يتسبب فيه الإنسان بحق أخيه الإنسان، فيتحول جزء من البشر إلى أداة انتقام من المجتمع بكامله لأنهم يرونه الظالم والجائر والمستغل وسالب الحقوق ويعممون فيه جميع المظاهر السيئة التي يقوم بها آخرون فيضيع عندهم التمييز بين هذا المجتمع وبين من مارس كل تلك الأمور السيئة وتختلط على الإنسان الأمور فيميل دون ان يدري إلى العنف وتنتفي بداخله الرحمة والعدالة التي من المفترض ان يكون قد تربى عليها كمسلم.
لذلك تنتشر بيننا وفي دولنا العربية والإسلامية هذه المظاهر غير الإسلامية لأننا مجتمعات تحمل بداخلها جميع أو معظم تلك السمات الداعية للعنف... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية