العدد 2299
الجمعة 30 يناير 2015
banner
اليمن يعيش في ظل صمت غريب أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 30 يناير 2015


لا يمكن القول غير ان اليمن السعيد يعيش في حزن وصمت مطبق من قبل أشقائه على الأقل، بل نسمع الولايات المتحدة تقول وتتحدث عن اليمن والمحادثات التي تجريها مع جماعة الحوثيين، أما جهتنا... أصحاب الشأن فإن الأمر وكأنه لا يعنينا، ونترك الشعب اليمني تحت الاحتلال الجديد، فبعد احتلال أراض عربية أخرى ومن قبل أطراف أخرى نعيش اليوم كارثة عربية جديدة تتمثل في احتلال اليمن، ولا يستطيع أحد ان يقول إنه شأن داخلي بين الأطراف السياسية المختلفة في اليمن، هو احتلال بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، بل حتى تصرفات الجماعة الحوثية تذكرنا بما فعله الاحتلال الأميركي إبان دخول قواته بغداد واحتلال العراق بالكامل، وكأن العملية تتكرر عندما ساهمنا في تمكين الولايات المتحدة الأميركية والغرب ومعهم إيران من احتلال العراق العظيم، نساهم حاليا وبصورة أخرى في مساعدة الحوثيين ومن وراءهم في احتلال اليمن.
كنا في هذه الزاوية وأيام علي عبدالله صالح نعارض التوجه الجنوبي في اليمن نحو الانفصال انطلاقا من الرغبة في تغيير النظام للأفضل لعموم اليمن، ولكن الوضع الحالي يمكن أن يدفع بالكثيرين لمباركة الانفصال التي تنويه مجموعات عربية في الجنوب من اليمن، فهذا الانفصال يمكن أن يكون على الأقل عاملا من عوامل الوقوف أمام الاحتلال لليمن والإتيان عليه بالكامل مع أن مقاومة الاحتلال الجديد ككتلة واحدة أفضل بكثير من الانفصال.
في الداخل اليمني الحركة مستمرة والقوى الوطنية الحقيقية تجاهد في الوقوف أمام الاحتلال، والمحافظات المختلفة تتحرك هي الأخرى وتعمل على توحيد قواها امام الاحتلال المدعوم إيرانيا وغربيا دون أي نوع من انواع الدعم العربي، فالأمر وكأنه لا يعني الأمة العربية أو أن اليمن يقع في قارة أخرى بعيدة، فهم صامتون صمت القبور، وإذا تحدث أي منهم نراه يتحدث على استحياء، قطرة... قطرة، وكأن القيادة العربية وصلت إلى نقطة اللاوعي وانعدام الإدراك والفهم لما يجري من حولها، فهي تعيش في حالة من الغيبوبة الوطنية والقومية، ومجلس التعاون لم يجد ما يقوله غير تأكيد مبادرته السابقة التي كانت من أسباب ما وصل إليه اليمن اليوم لتغاضيها عن أفعال علي عبدالله صالح، أما غير ذلك فلا شيء لديه.
هل ما يشاع عن وقوف بعض الدول العربية وراء ما يحدث في اليمن صحيح؟ هل يدعم بعضها الرئيس السابق نكاية في بعض التيارات اليمنية ونعني به حزب الإصلاح على وجه التحديد وكيف استخدم “صالح” ذلك الدعم لهدم اليمن؟ مع أن هذا الحزب كان متعاونا مع الرئيس السابق، وهو ما يعني أننا امام مصيبة سياسية مفادها أن هناك من هو على استعداد لأن يقتل نفسه كي لا يعيش غيره بدلا من أن يعيش الاثنان حتى وإن اختلفا وأفضل من أن يتعاون مع أعدائه بسبب خلاف مع بعض اخوته، فهل تصل السياسة إلى هذا الحد؟ وهو يمكن أن تقتل السياسة المصلحة الدائمة من أجل مصلحة وقتية.
ما يحدث في اليمن وتضارب المصالح فيها يمكن أن يمثل درسا عمليا حول كيفية رسم هذه المصالح وكيفية التعامل معها، بل يمكن خلالها فهم السياسة القريبة المدى والأخرى البعيدة التي تبني بصورة سلسة ومنتظمة وليس السياسة الاستعجالية التي تريد جني المكاسب السريعة، فما يأتي سريعا يذهب سريعا دون تأثير حقيقي، وحبذا لو حاول من لديهم المعلومات معرفة كم استغرق الوقت لإيران لترسم سياستها في اليمن وكيف تعاملت مع الأوضاع فيها، ثم كيف يضع الغرب سياسته البعيدة التي تخدم مصالحه الدائمة لنتعلم من كل ذلك مصالح أمتنا المنتهكة دائما، هذا إذا عرفنا تلك المصالح... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية