العدد 2260
الإثنين 22 ديسمبر 2014
banner
ديمقراطية الحكومات أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الإثنين 22 ديسمبر 2014

يحسب الكثيرون أن أي عملية اقتراع أو انتخاب تمثل خلاصة الديمقراطية أو إحدى أهم نتائجها وهي التي بها يتبين القوم أن لديهم وضعا ديمقراطيا حقيقيا أو لا، وقد يكون هذا التفكير صحيحا في جانب منه عندما يتعلق الأمر بالحق في الاختيار عند المواطن الذي يريد أن يرى إرادته تتحقق بشكل ما، وأن ما يعتقد بصحته يتحقق هو الآخر سواء كان في انتخابات نيابية حين يتمكن من إيصال من يعتقد بأحقيته في تمثيله أو أن يجد رأيه قد شاع ووصل إلى الأعلى عن طريق النتائج التي يظهرها صندوق الانتخاب أو صندوق الاقتراع.
كما يرى الكثيرون أن السلطات التنفيذية سواء كانت حكومة أو غيرها تحاول وبطرقها الخاصة التدخل في عملية التصويت والوصول إلى النتائج التي تخدم مصالحها وتحققها، وهذا يمكن أن يكون عملا صحيحا خصوصا في المجتمعات الديمقراطية التي تكون فيها حكومات تسمى منتخبة وهي الحكومات التي يمكن أن تناسب بعض المجتمعات دون غيرها، المهم أن في هذه المجتمعات تتدخل الحكومات وأجهزتها لبلوغ النتائج التي تريد، ولكن لكي يكون الأمر واضحا فإن هذا التدخل لا يكون باليد الحكومية ولكن باليد الحزبية التي تحكم، فلو كانت الديمقراطية صحيحة لتمت محاكمة الجهاز التنفيذي الذي يتدخل لصالح نتيجة معينة أو يسخر المال والأجهزة التنفيذية العامة لخدمة جهة ما على حساب جهة أو جهات أخرى.
حين تحكم الأحزاب عن طريق الصناديق يكون العمل علنيا عند الحكومة المنتخبة من أي حزب كانت لدعم حزبها ولكن ذلك يتم من مال وجهد الحزب ذاته دون تداخل بينه وبين المال أو الجهد الحكومي أو التنفيذي، حتى لو كان المترشحون وزراء أو مسؤولين في الحكومة فإنه لا يحق لهم بحال من الأحوال الخلط بين عملهم التنفيذي وبين ترشحهم للانتخابات، بل لو ثبت ذلك يكون مستقبل الحكومة بكامله مهدد ويستوجب استقالتها، هذا الفصل ضروري ومهم جدا لوجود مجتمع ديمقراطي أقرب ما يكون للصحة والعدالة، أما في مجتمعاتنا فإن التدخل يكون علنيا بالمال والجهد وكل طرق التدخل لإخراج ما يراد إخراجه سواء قوانين أو مجالس منتخبة، ولا يحق محاسبة أحد في هذا التدخل، والأدهى من ذلك أن التزوير يكون مباشرا في معظم الانتخابات وحسب الحاجة ويتم استخدام البطاقات مباشرة، لذلك نسمع عن أسماء كثيرة لا وجود لها لا تفارق قوائم الناخبين والكثير منهم أموات ومنذ سنوات طويلة وبعضهم ترك الوطن لسنوات طويلة وحصل على جنسيات أخرى، لكن أسماءهم موجودة وجاهزة للاستخدام عند اللزوم ولترجيح كفة على أخرى حين تستدعي الحاجة.
وفي الكثير من الدول يشترك جزء من القضاء أو عدد من القضاة في هذه اللعبة السياسية لصالح الحكومات ولإضفاء القداسة والنزاهة على ما جرى وكأن المواطن لا يرى ولا يسمع ولا يفهم ما يجري، وحتى لو تمكن البعض من المواطنين من إيجاد أو معرفة الدليل الذي يثبت ما حدث من تدخل حكومي أو تزوير متعمد فإن القضاء في الكثير من الدول يغض الطرف ويمرر ما حدث وكأنه عمل ديمقراطي سليم وهو يعلم في قرارة نفسه أنه على العكس من ذلك خصوصا والجميع يعلم مدى تسلط الكثير من الحكومات على الجسم القضائي وقدرتها على التحكم فيه بصورة من الصور وحتى لو قيل أنه قضاء مستقل، فالحقيقة أنه مستقل شكليا وليس واقعيا، خصوصا مع وجود عدد من القضاة أصحاب من ذوي الأهواء الخاصة والذين بالإمكان شراؤهم وقت اللزوم أو أنهم على استعداد للبيع عند الحاجة.
من هنا يمكن القول إن الديمقراطية تنعدم أو على الأقل تكون مجروحة وفاقدة لقيمتها الحقيقية عندما يكون بعض الأفراد أو بعض الجهات فوق القانون، وعندما تكون عناصر السلطة تهيمن عليها جهة واحدة هي السلطة التنفيذية... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية