العدد 2236
الجمعة 28 نوفمبر 2014
banner
استغلال الدين وإظهار غير الحقيقة أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 28 نوفمبر 2014

ليس أمرا مستجدا ما رأيناه مؤخرا ولا نزال نراه حول استغلال ديننا الإسلامي الحنيف في إظهار أمور ليست متوفرة في بعض المترشحين لضرب غيرهم كما حدث في بعض الدوائر مؤخرا وكان ومنتشرا وساريا في الدورات الانتخابية السابقة، هذا ما تحدثنا عنه سابقا ومنذ سنوات ونعود إليه مرة أخرى، وهذا ما يمكن أن يعطي صورة جلية لتقسيم مجتمع الناخبين عندنا ويدفع بالبعض لاستغلال الجانب الديني ومحاولة احتكار الدين لفئة دون أخرى بالرغم من دين وتدين الجميع عندنا ولله الحمد.
من يستغل الدين عندنا يحاول تقسيم المجتمع إلى فئتين، فئة تعمل بتعاليم الدين وفئة أخرى بعيدة عن ذلك، فئة تتبع تعاليم الدين وفئة تسير في اتجاه آخر، فئة متدينة والأخرى ليست كذلك، وكأن الدين أصبح حكرا على فئة دون أخرى، بل هؤلاء يعملون على تفتيت المجتمع البحريني المسلم إلى فئات تملك أمر الدين وفئات مغايرة وكأن الاختلاف في أمور دون أخرى أصبح أمرا خارجا عن الدين مع أن نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام مدح الاختلاف في الفهم والرؤية ورأى فيها رحمة للمسلمين وليس سببا في صراعهم على الكراسي كما يفعل الكثيرون عندنا اليوم.
هذه الفئة التي تعمل على استغلال الدين لمصالحها الخاصة ومصالح المحيطين بها هي في حقيقتها تحارب التطور الذي يدعو له الدين والإنسان الذي نزلت الرسالة السماوية من أجله، بل هي تحارب الدين ذاته كونها تعطي صورة مناقضة لما يدعو له ديننا الحنيف، فهي حين تخلط العمل الخيري بغيره من الأعمال وتسخره لخدمة أهداف لا علاقة لها بالخير بل تستغل الحاجة الإنسانية فإنها تسيء للدين قبل أن تسيء لذاتها، والأخطر من ذلك حين تستغل أموال الخير لخدمة أهداف سياسية واضحة فإنها تسيء للدين وتنزع عنه أهدافه الإنسانية السامية، وهي حين تستخدم أموال الخير لتقدم ما يمكن أن نسميه رشى انتخابية مستغلة جهل الكثيرين بهذا الجانب وعدم قدرتهم على التمييز بين رجل الدين الحقيقي المجرد من النوازع الذاتية وبين الملتحف بعباءة الدين فإنها تستغل الدين وتسخره لخدمة أهدافها الخاصة وتسيء للدين الإسلامي الحنيف الذي نزل رحمة للبشر جميعا وليس لفئة دون أخرى.
قلنا من قبل ونكرر مرة أخرى إن الانتخابات ليست سوقا للمال وعلى المتخصصين وأصحاب القرار ان يضعوا حدا واضحا للأموال التي تستخدم في الحملات الانتخابية وسقفا يعمل الجميع تحته ولا تترك العملية بدون ضوابط، خصوصا حين تتحدث الكثير من تلك الروايات عن أرقام تعتبر فلكية عن تكاليف حملات بعض المترشخين، فحين يتجاوز الرقم خمسة أصفار أي يزيد عن المئة ألف دينار فإن جرس الإنذار يجب أن يرن عند الجميع، عند المسؤولين لمعرفة مصادر تلك الأموال، وعند المواطن الناخب ليفهم لماذا تصرف كل تلك الأموال في الحملات الانتخابية وما الذي يريده المرشح الذي يصرفها من البرلمان، فحين تتجاوز الأموال التي ينفقها مرشح ما في حملته الانتخابية كل ما يمكن أن يمثله دخله لو وصل إلى البرلمان فإننا نتساءل كغيرنا عن هدفه الحقيقي، ولا أظن أن الهدف هو خدمة البشر بقدر ما يمكن أن تكون أهدافا اخرى قد تكون خافية علينا وتظهر بعد ذلك، وحين تتجاوز الوعود التي يطلقها المرشح – وبالذات الوعود المالية – كل ما يمثله دخله فإننا كذلك نتساءل ونستغرب، هل تلك الوعود كاذبة، وإن كانت كاذبة فإننا نستغرب كيف يبدأ إنسان حياته المستقبلية بالكذب مع ان الصدق هو المطلوب وهو صفة دينية قبل أي شيء آخر.
حتى البرلمانات السابقة لم تتحرك لضبط المصاريف الانتخابية، مع أن الصور واضحة للعيان ولا تحتاج إلى دليل مادي بل هي بحاجة إلى مراقبة ومتابعة وليس أكثر، وحين يتم توزيع الرشاوى الانتخابية امام العيان فإن الدليل يكون جليا للجميع، ولكن مع ذلك فإننا جميعا نركن إلى وعي الناخب وفهمه للأهداف الخفية وراء كل ذلك... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .