العدد 2228
الخميس 20 نوفمبر 2014
banner
ليس بالتعالي يتم التعامل أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الخميس 20 نوفمبر 2014

لقد اعتدنا في بعض المواقع أن نرى شيوخ الدين “الحقيقيين”، نراهم يجلسون على كرسي مرتفع قليلا عن الأرض التي يجلس عليها المستمعون للحديث من رجل الدين، شاهدنا ذلك على سبيل المثال لا الحصر في اللقاءات الكثيرة التي سجلها الشيخ محمد متولي الشعراوي عليه رحمة الله في التلفزيون، هذا الجلوس لا غبار عليه حتى يتمكن المستمع الجالس في الحلقة من رؤية المتحدث والتفاعل معه بعد فهم ما يقول، وهو ليس تعاليا على الآخر كما هو حال الكثيرين من حولنا حين يرون ذاتهم في مكان مرتفع عن البشر ويظنون حالهم أعلم منهم وأفقه منهم وأن على البشر الآخرين أن يستمعوا لهم دون سؤال أو محاورة.
تزداد هذه المواقف حاليا في ظل احتدام الحملات الانتخابية وفي ظل تباين المواقف حيالها، ففي ظل هذه المواقف تبادر بعض الأطراف إلى توجيه النقد لطرف آخر، فالمقاطعون ينقدون موقف الداعين للمشاركة ويصل بهم الحال إلى درجة تخوينهم، وربما على الجانب الآخر يوجه المشاركون النقد للمقاطعين.
كل ذلك يمكن أن يكون طبيعيا في ظل ما نحن عليه، ولا نقول إنه صحيح، خصوصا عندما يكون الحديث عاما وليس لفئة أو أفراد محددين ليس بالاسم ولكن بالصفة، ولكن من غير الصحيح أن يصل الحال إلى الحديث عن فئة من البشر دون غيرها وتسفيه رأيها التي تراه موقفا وطنيا والتعالي عليها مهما نزل مستواها أو قدرتها الفكرية والفلسفية، فالمشكلة أننا نرى من يتسم بمثل هذه المواقف ويوجه النقد الشخصي للمترشحين بمجملهم وليس للمشاركين، يوجه هذا النقد غير الصحيح لمن رشحوا أنفسهم وليس لعملية الترشح ذاتها، وهو أو هم بهذا يتحدثون عن فئة واحدة أو مجموعة من البشر دون غيرهم وهو ما نراه أمرا لا يجوز، بل لا يحق لأحد أن يمارسه.
لا يحق لأحد وصف جميع المترشحين بالكذب ويعتقد الصدق معه فقط من أجل تثبيت رأيه وتسفيه الرأي الآخر، كما أنه لا يحق لأحد تصنيف الآخرين من المترشحين تصنيفا يضعه في نفسه ويريد إيهام الناس به خصوصا إذا كان هو ذاته متوهما لأمر ما ويجهل أو يتجاهل الحقيقة، قد يكون حقا توجيه النقد لأي مترشح من خلال برنامجه أو تاريخه أو قدرته فكل تلك الأمور هي أمور عملية وأعمال قابلة للنقد السلبي أو الإيجابي، ولكن الأمور الأخرى الحاملة لصفة إنسانية ليس من حق أي كان الحديث عنها كونها ليست فعلا ولا عملا وغير قابلة للتحديد والتثبت منها، بالتالي فإن الحديث عنها يمثل قذفا في حق الغير وتعاليا عليه وتسفيها له.
حبذا لو ينزل أولئك النوع من البشر من الذين يتكلمون فقط ولا يعملون، ينتقدون الغير ولا ينتجون، يرون الآخرين من أعلى ويظنون ذاتهم العالمين أكثر من غيرهم في تعال مقيت يعزلهم عن الناس كونهم غير قادرين على التعامل مع الناس، حبذا لو ينزلون للواقع والناس ومن لا ينزل لهؤلاء الناس يكون جاهلا بهم ولا يحق له الحديث عنهم، فالتعالي عنهم صفة رديئة ومرفوضة من الجميع، والصحيح، خصوصا في ظل وضعنا الوطني الحالي، هو النزول لهؤلاء البشر والتعامل المباشر معهم قبل الحديث عنهم وإلصاقهم بصفات بعيدة عنهم وعن حقيقتهم، وباختصار نقول كفاكم غرورا وتعاليا على البشر فالتواضع صفة إنسانية حميدة والغرور صفة مقيتة فكلنا بشر متساوون... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية