العدد 2178
الأربعاء 01 أكتوبر 2014
banner
العروبة تنتقل إلى أميركا الجنوبية أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأربعاء 01 أكتوبر 2014


وجدت العروبة الضائعة عندنا نحن العرب ملجأ تحتمي به ويدافع عنها في أميركا الجنوبية مؤخرا، فبعد الرئيس الفنزولي «هوجو تشافيز» الذي حارب السياسة الأميركية في المنطقة العربية طوال فترة حكمه حتى وفاته نجد حاليا الرئيسة الأرجنتينية «كريستينا فرنانديز دي كريشنر» تبادر إلى تبني القضايا الشعبية العربية أكثر من أي زعيم عربي وقف في الأمم المتحدة مؤخرا، فغالبية الزعماء أو المتحدثين العرب وقفوا للحديث عن دعم السياسة الأميركية بصورة مباشرة أو غير مباشرة والسير في ركابها، إلا ما ندر، ولم يجرؤ واحد منهم على توجيه النقد لتلك السياسة التي يعرفون هم انفسهم أكثر من رئيسة الأرجنتين الحالية ورئيس فنزويلا السابق أنها سياسة معادية لهم وللشعوب التي يحكمونها حاليا وعلى مدار التاريخ.
من تابع الكلمات التي ألقيت في الجمعية العامة خلال الأيام الماضية قد يظن أن الكيان الصهيوني مزروع في قلب القارة الأميركية الجنوبية وليس في قلب الوطن العربي، ومن يسمع الكلمات يعتقد أن ضررا كبيرا يقع على الأرجنتين وفنزويلا والبرازيل من وجود ذلك الكيان البعيد عن المننطقة العربية، وإلا فإن المنطق يكون معكوسا وغريبا وينم عن ضعف في الكيان العربي على مستوى القيادة وعدم ثقة في الذات مغروسة فيهم، ان هذا الضعف وانعدام الثقة بعيدان كل البعد عن تلك الدول المنتمية للقومية العربية والمساندة للقضايا العربية اكثر من أصحابها المفترض فيهم ان يكونوا في المقدمة وليس تلك الدول بالرغم من تقديرنا الشديد لأولئك الزعماء غير العرب.
حين استمعنا إلى الرئيسة الأرجنتينية اعتقدنا من كتب لها الكلمة ربما يكون مستشارا في وزارة خارجية إحدى الدول العربية (المقاومة) وليس عضوا في وفد الأرجنتين بالرغم من حجم الجالية اليهودية الكبير في تلك الدولة، ولكن الحق لا يكون إلا حقا عند من يعرفه ويقوى على الحديث عنه، فمن يعرفون الحق كثيرون ولكن النادر منهم من لديه القوة على تبنيه والحديث عنه ودفع ثمن هذا الموقف، لذلك لا نجد غير التحسر على أنفسنا حين نستمع إلى ممثلي المنطقة العربية يتكلمون في تلك الهيئة الدولية كأنهم استعانوا بالصديق الأميركي في كتابة تلك الكلمات أو أنهم وضعوا خطوطا حمراء لا يتجاوزونها في كلماتهم، وهي خطوط لا نستطيع وصفها بأقل من إخفائها لحقائق المنطقة والتاريخ.
تحدثت رئيسة الأرجنتين عن وطننا العربي وكأنها تعيش بيننا ودرست واقعنا وفهمت تاريخنا وميزت من خلال كل ذلك بين الحق الذي نريد والباطل المفروض علينا، بل جعلت من يتحسر على ما ابتلينا به في هذا الوطن الكبير الذي تفتت على يد الساسة الأميركيين والسياسة الأميركية ومع ذلك نصر على تبني هذه السياسة والسير في فلكها وتحقيق أهدافها بأيدينا ليأتي البعيد ويقول سياسة باطلة ومعادية لنا... سبحان الله.
ثم نجد بعد الحرية الغربية التي أزكموا أنوفنا بالحديث عنها والتشدق بها وضرب المثل بتقدمها لنرى كيف ساهمت تلك الحرية الإعلامية أثناء كلمة رئيسة الأرجنتين في محاربة الحرية ذاتها ومنع التعبير عن الرأي من خلالها حين أقدمت محطات البث التلفزيوني على قطع البث المباشر بحجة خلل فني حدث بصورة مفاجئة وكأنها محطات في مجاهل أفريقيا المتخلفة وليس في الدولة التي يقال عنها إنها أكثر الدول تقدما وأكثرها حرية إعلامية، يريدون منا تصديق وقوع خلل فني في البث مع أننا نعلم وهم يعرفون أن الجميع يعلمون أن السبب هو منع تلك السيدة من التعبير عن رأيها ورأي دولتها في القضايا العالمية لأنها تخالف إرادة ورغبة العم سام وليس أكثر من ذلك... فهل يعقل أن هذا الخلل لم يحدث إلا مع كلمة تلك الرئيسة... كفاكم استغباء للناس.
كلماتنا لم تتجاوز الدعوة لمحاربة الإرهاب في العالم وبالذات في الوطن العربي، ودعم التحرك الأميركي في هذا المجال، مع أنهم يعرفون، وكما قالت رئيسة الأرجنتين، ان هذا الإرهاب هو صناعة أميركية بحتة.
والنتيجة من كل ذلك أننا نحمد الله على أننا وجدنا من يدافع عن قضايانا، هذه واحدة، والثانية إثبات عدم وجود حرية رأي وتعبير في العالم الغربي، وكل ذلك حدث في دقائق محدودة... سبحان الله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .