العدد 2146
السبت 30 أغسطس 2014
banner
الحرب لا تفيد والسلم لا يفيد... فما العمل؟ أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
السبت 30 أغسطس 2014

قديما كما قرأنا في التاريخ كان السلاح والحرب والقتل الوسيلة الوحيدة أو السائدة تقريبا للحوار بين الأطراف المختلفة المتخالفة، فالحوار السلمي لم يكن هو السائد ولا المستخدم لحل الخلافات لا بين الأفراد ولا بين القبائل ولا بين الدول والامبراطوريات حينها، إلا في الحالات الشاذة النادرة التي لا يمكن اعتبارها قاعدة يعتد بها، مع أنها حدثت عندنا بين القبائل العربية أو بين الدولة العربية - حين كانت دولة - وجيرانها الروم على سبيل المثال أو الصليبيين الغزاة - حيث كانت مصاحبة للحرب - ومع ذلك لم تكن تلك الحوارات تستند على غير القوة حيث لم تكن للحق قيمة أو مكانة يعتد بها مع أن الأديان السماوية والتي يؤمن بها أغلب البشر - ما عدا اليهودية التي تم تحريفها - تعطي للحق المكانة التي يستحقها وتأمر باتباعه. ولا يمكن القول حتى الآن إنه أصبحت للحق قيمة بجانب القوة في العلاقات بين الدول بعضها البعض أو العلاقات التي تكون بين الأنظمة السائدة وشعوبها بسبب الأنانية التي جُبِلَ عليها الإنسان وامتدت معه إلى النظام، أيا كان نوع هذا النظام أو موقعه.
في وطننا العربي تم تغييب كلمة حق الإنسان - في كل شيء - ومحوها من القاموس طويلا، وأصبح المواطن الإنسان مجرد رقم يتم احتسابه من قبل النظام حين يولد هذا الإنسان أو يمحى ذلك الرقم حين يموت فلا حق نراه إلا لمن هو على السلطة أو قريب منها أما الآخرون فلا، وإن أراد أي من هؤلاء “الآخرون” الحديث عن حق له، وليس المطالبة به، يتم اضطهاده، أما لو فكر في المطالبة بشيء من تلك الحقوق فمصيره يتحول إلى المجهول أو في أحسن الأحوال تنتزع منه حريته الشكلية التي يكون عليها ويقبع خلف قضبان حديدية لأزمنة طويلة وبالقانون الذي يضعه النظام - أي نظام -، لأن القانون يوضع لخدمة ذلك النظام أو القائمين عليه وليس لخدمة الإنسان المواطن المحكوم من قبله.
لو أسقطنا هذا الحديث على ما يجري في وطننا العربي الكبير الآن لما وجدنا شيئا غير ذلك، بل هو تطبيق لهذا الكلام وبالحرف كما يقال، حيث لا يوجد مواطن عربي يتمتع بحقوقه كما هو متعارف عليها ومنصوص عليها في الكثير من الأوراق التي تسمى الدساتير أو القوانين، بل يصل به الحال إلى أن يعامل معاملة تصل إلى الحيوان الذي ترمى له بعض مطالبه حين يراد له فعل شيء معين يريده النظام وينتهي كل شيء بعد ذلك. فحين يصل أي فرد أو مجموعة إلى قمة هرم السلطة ترفع السلطة حينها شعار الحقوق والحريات، مؤقتا، وما إن تستقر لها الأمور حتى يتغير كل شيء وتسود الفردية ويشيع الابتعاد عن الحقوق ويبدأ المسلسل القديم من جديد ويحضر على أي كان الحديث عن حقه أو المطالبة به.
في ساحتنا العربية اليوم نشاهد نتائج محاولات قام بها المواطن العربي للمطالبة بحقوقه بعد أن عجز عن الحصول عليها، فتحولت الساحة العربية إلى ساحات للمعارك والحروب التي يخوضها النظام العربي في كل مكان ضد تلك الأمواج البشرية التي تطالب بتلك الحقوق، فلا هو أقر بتلك الحقوق وسار عليها لتستقر الأمور، ولا هو قبل بها بعد أن ثارت عليه الجماهير.
ما نراه اليوم في أقطار كثيرة من وطننا العربي ليس أكثر من نتيجة لرفض النظام العربي الإقرار بالحقوق الإنسانية للمواطن العربي، وبسبب انعدام تلك الحقوق ورفض النظام العربي الإقرار بها سلميا، تحولت الساحة العربية إلى كتل بشرية للمطالبة بها وتحول النظام العربي إلى قوة مادية لمحاربتها فتحولت الساحة العربية إلى مواقع حربية بين الطرفين أعطت الفرصة والمجال للكثيرين من تجار الحروب للتسلل إلى هذه الساحات وتحويل كل شيء إلى مجرد معارك قتالية من أجل القتل وليس من أجل الحق.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية