العدد 2138
الجمعة 22 أغسطس 2014
banner
مجلس التعاون نحو الحل وليس التأزيم أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 22 أغسطس 2014

لا أحد يتمنى أن يصل الحال داخل مجلس التعاون إلى ما نراه حاليا من تغريد لبعض أعضاء السرب في اتجاهات مختلفة وكأنهم لم يجتمعوا في كيان واحد مستمر منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، مع أن هذه العقود الثلاثة كفيلة بإحداث تغييرات لا حصر لها في البنيان العربي الخليجي سياسيا واجتماعيا، ولكن ما نراه أن هذه السنين لم تغير في الاتجاه المطلوب والذي تطمح إليه شعوب المنطقة والدليل على ذلك ما هو حادث اليوم والتهديدات المتبادلة بين أطراف المجلس والتباين في علاقات دول المجلس الخارجية.
بعيدا عن الدخول في نشأة المجلس وأسباب تلك النشأة وغيرها من الأمور التي يمكن أن تفرق ولا تجمع، بعيدا عن كل ذلك وبالرغم من المعوقات التي توضع في طريق الدول المنضوية فيه كي تبتعد حتى عن التفكير الوحدوي وليس التوحد ذاته إلا أن الدول العربية الخليجية حققت الكثير من الأمور مجتمعة وليست منفردة، ومجرد بقاء المجلس مستمرا بدون خلافات جذرية يكون التنظيم ناجحا وقابلا للتطوير حيث إن الاستقرار بحد ذاته هو إحدى علامات النجاح، ولكن ما يبدو ونراه أن هناك من يريد بالمجلس ودوله شعوبا وأنظمة شرا ولا يريد له الاستمرار ناهيك عن التطور.
من يهدف إلى تمزيق المجلس ككيان عربي أولا ووحدوي ثانيا كثر، أفرادا وأنظمة، وتسير في ذلك الركب مؤسسات إعلامية تستحضر عناصر الخلاف وتختلقها أحيانا، وكل ذلك يتجسد حاليا في الوضع الذي يمر به كيان المجلس والتباين الذي نراه بين دوله مجتمعة، فقطر في جانب وعمان في جانب آخر والدول الأخرى لا نستطيع أن نقول إنها متوافقة تمام التوافق وفي كل الأمور بل تحدث بينها بعض التباينات في المواقف وهو أمر طبيعي.
ربما أحد أسباب الأزمات التي مر ويمر بها مجلس التعاون البطء غير المبرر في اتخاذ وتنفيذ القرارات الوحدوية أو التكاملية بين الدول ثم الخوف أو الهواجس التي تعتري بعض أنظمته من الولوج في الكيان الوحدوي المنشود، ولو تم ذلك في وقته وحسب حاجته لكان شكل المجلس الآن مختلفا عما هو عليه ولأصبح من الصعب على أي من دوله أن تغرد خارجه وتتبع سياسة خارجية يراها الآخرون مضرة بهم وبالمجلس ذاته ولوجدت الدول الأخرى الخارجية صعوبة كبيرة يمكن أن تصل إلى الاستحالة في أن تزرع الشك أو الاختلاف بين كياناته وتستفرد بالبعض منها.
هنا يكمن الدافع لما يحدث الآن من انشغال المجلس بما يجري على الساحة العربية وقدرة بعض الدول الخارجية على التغلغل في داخله وما مثله ذلك من الخلاف المستعر بين دولة قطر وباقي دول المجلس، لو استثنينا سلطنة عمان، والخطورة الأكبر في ذلك نجدها أيضا في قيام بعض وسائل الإعلام بالنفخ في ذلك الخلاف ومحاولة تعميقه على عكس هوى أنظمته وشعوبه التي تريد لجميع الحواجز المصطنعة بينها أن تزول وتنمحي، ويريد الفرد العربي الخليجي ان يرى يوما ما دولة واحدة يحدها الخليج العربي شرقا والعراق شمالا والبحر غربا جنوبا وبحر العرب أيضا.
أعداء الشعب العربي عندنا لا يريدون لهذا الخلاف أن يهدأ وينتهي، بل همهم الآن يتمثل في كيف يتعمق ويزداد، لذلك نجد تلميحاتهم تصب في ذلك وتقترح أو توحي بخطوات تصعيدية تبعد أجزاءه عن بعضها البعض ولا تقترح خطوات تهدئة للموضوع تريدها الشعوب أو الشعب العربي عندنا، ونتمنى لمقترحاتهم ألا ترى النور ولا نرى من خلالها ما يفرق ويشتت الجهود ويعيق الوصول إلى الكيان الواحد... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .