العدد 1398
الأحد 12 أغسطس 2012
banner
ماء ملوث دون حركة مسؤولة أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأحد 12 أغسطس 2012

هذه الأمور – ونعني بها أمور الفساد الرسمي والأهلي - تحدث في أماكن كثيرة وبالذات في دول المال التي نتبعها حاليا وأعني بذلك الدول ذات النظام الرأسمالي الذي يرى بعين المال فقط ويتجه نحو الربح دون تمييز بين الصح والخطأ أو بين فائدة الغير أو هلاكه... المهم كم سيجني صاحب المال وكيف يوسع من مقدار أرباحه أما الآخرون فلا وزن لهم ولا قيمة عند رأس المال أيا كانت هويته حيث إن المال أصبح أخيرا بلا هوية ولا وطن.
في دول الغرب التي يتمسح بها الأغلب الأعم في الوطن العربي حين يحدث الغش يحاكم من يمارسه ولكن تلك القضايا التي تصل إلى المحاكم لا تعدو نسبة ضئيلة من عمليات الغش التي تجري هناك لأن معظمها يتم طمسها بالمال خصوصا إذا كانت تتعلق بمنتجات لا تدخل السوق المحلي لأن الآخرين في نظر الأنظمة الغربية هم بشر من الدرجة الثانية لذلك لا يتم الالتفات للمنتجات التي تؤثر عليهم وكأن المسؤولين هناك يقولون بحق الآخرين (عساهم جهنم) بل حتى الغش التجاري الذي يطال مجتمعاتهم لا يصل إلى القضاء إلا النادر منه حين لا يتوفر المال الذي يغطيه أو السلطة التي تحجبه.
وكنا نسمع في الصين أن من يمارس الغش الذي يتعلق بحياة البشر تصل عقوبته إلى الإعدام مع أن الكثيرين ينتقدون النظام الصيني الذي كان مغلقا وبدا أخيرا في الانفتاح ومع ذلك فتلك الأنظمة المغلقة تحارب عمليات الغش والفساد أكثر بكثير من الأنظمة الرأسمالية حتى سقطت تلك الأنظمة وبدا الغش والفاسد يعشش فيها وتستورده من الأنظمة الرأسمالية.
مناسبة هذا الكلام هو ما نشر أخيرا عن الماء الملوث التي تنتجه أو تعبؤه إحدى الشركات المحلية المجهولة حتى الآن عند المواطن الذي قد يستخدم تلك المنتجات الملوثة دون علم ولا حماية من الدولة ومع أن أخبار الغش الذي مارسته تلك الشركة نشرت منذ مدة وسمعنا انه تم اتخاذ إجراءات معينة بحقها ولكن لم نسمع أن منتجها تم سحبه من السوق كما يحدث في الدول التي تراعي وتحترم مواطنيها وعند الشركات التي تحترم اسمها كما هو حال بعض الشركات اليابانية التي زادت نسبة العطل في منتجاتها مؤخرا.
جهات عدة قد تتحمل المسؤولية في ذلك وعليها اتخاذ موقف واضح بحق الشركة ولكنها توقفت عن ذلك ولا نعلم الأسباب، فقسم حماية المستهلك بوزارة التجارة لا يحرك ساكنا ربما لأنه لا يملك سلطة أو لا يريد مواجهة التجار ولكن وزارة الصحة ممثلة في قسم مراقبة الأغذية عليها واجب لا تستطيع التخلص منه وقد تكون هي المخولة بسحب ما أنتجته تلك الشركة من السوق ونشر اسمها كذلك حيث ان التهمة كانت قائمة وواضحة عليها بدليل الإجراءات التي تم اتخاذها مسبقا ولكن ذلك لم يحدث ولم تبادر الوزارة القيام بإخطار أصحاب الأسواق بمنع بيع تلك المادة في أسواقهم.
يقول الخبر ان الماء الملوث مازال في السوق ويتم بيعه ويشتريه المواطن وهو لا يعلم ما يحتويه من ملوثات فكيف يحدث ذلك وتخسر الدولة الملايين من الدنانير في علاج المواطن ثم يأتي بعض المسؤولين ليساهموا في زيادة تلك الملايين بعدم منعهم الخطر المحدق بالمواطن قبل وقوعه.. وهل كلما حدث أمر يجب على المواطن أن يلجأ للقمة ليأخذ حقه ويمنع الخطر عن نفسه وكأن المسؤولين لا هم لهم إلا تزيين قشور أعمالهم فقط أما الفعل الجاد فهم بعيدون عنه وعندما يتعلق الأمر برأس المال فإنهم يحسبون ألف حساب قبل الإقدام على إجراء معين؟... الله اعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية