العدد 1398
الأحد 12 أغسطس 2012
banner
ليتني أستطيع! نوف بوعلاي
نوف بوعلاي
ملح الكلام
الأحد 12 أغسطس 2012

شارف شهر الخير على نهايته، ووجدتُ نفسي بعد انقضاء صلاة التراويح أتمنى أن يبطئ من خطاه أو أن يمتد بضع أيام أخر. ليتني أستطيع أن أجعل من رمضان أسلوب حياة دائم نستمتع فيه بالروحانيات والفضائل والعادات والتقاليد الجميلة التي يزخر بها الشهر الكريم؛ ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه! وليتني أستطيع فعل أشياء كثيرة أسترسل فيها تفكيري وأنا أناجي الله وأدعوه بعد صلاتي.
ليتني أستطيع أن أدخل إلى عقول بعض البشر لأرى كيف تعمل ووفق أي منطقٍ يفكرون! وهنا لا أتكلم عن فكر أو أيديولوجيات معينة، بل طريقة التفكير العامة الموجودة لدى الجميع. فحين يتعلق الأمر بالأخلاق أو حسن التصرف أو التفكير السليم (common sense)؛ أراني أصدم بعدد غير قليل من الناس. ودعوني أذكر مثالاً صارخاً لما تحدثت به: ما الذي يجبر قناة تلفزيون محلية أن تصدر نسخة ثانية من برنامج أثبت فشله في الموسم السابق؟! وما الذي يدفع جهاز ذلك التلفزيون أو الجهة المسؤولة عنه أن يتجاهل مئات – إن لم تكن آلاف – الملاحظات والانتقادات حول رداءة إنتاجه؟! أليس من المنطق وسلامة التفكير أن أحاول إرضاء المشاهدين والاستماع إلى آرائهم وكسب ثقتهم بدلاً من دفعهم للهروب إلى قنوات تلفزيونية أخرى؟! مجرد سؤال يستحق التفكير... وقس على ذلك الكثير.
ليتني أستطيع العودة بالزمن للوراء لأكافئ أمي الحبيبة على المشقة التي تحملتها في تربيتي، ولأمحو أي حماقة ارتكبتها في حقها. لم أع المصاعب التي تمر بها الأم حتى من عليّ الله عز وجل بنعمة الأمومة وأدركتُ كم استخففتُ بهذه المسؤولية الجسمية في الماضي. كنت ومازلت أعتبر تربية الأبناء تحدياً كبيراً في هذا الزمن الصعب الذي نعيشه، والذي أصبحت تغيراته متسارعة بشكلٍ يصعب علينا استيعابه أو التعامل معه في بعض الأحيان؛ لذا أصبحت أعي تماماً مخاوف والدتي علي وعلى بقية إخواني وحرصها على تهيئتنا للتعامل مع العالم خارج أسوار المنزل. اللهم ارحم أمي وجميع أمهات المسلمين واحفظهن وامدد في أعمارهن، واجعلنا وإياهن ممن تتفتح أبواب الجنة في وجوههن وتستقبلهن خير استقبال... اللهم آمين.
ليتني أستطيع بعصىً سحرية أن أعيد البحرين لما كانت عليه قبل الأزمة! قد تكون المشاكل التي قامت من أجلها الأزمة موجودة قبلها؛ ولكننا كنا نختلف باحترام، ونتناقش بهدوء، ولا نطالب بأي حالٍ من الأحوال بإقصاء أو تهميش فئة من المجتمع دون غيرها! والآن، وبعد أن هدأت النفوس، ومع ما يتردد من قرب إقامة حوارٍ سياسي يجمع الأطراف المعنية؛ علينا أن نتجاوز خلافاتنا واختلافاتنا وأن نضع مصلحة البحرين نصب أعيننا، فقد لا نحظى بفرصة ثانية لنخرج بها من هذه الأزمة! إعمال العقل مطلوب، وكذلك تقديم التنازلات والتضحيات لأجل البحرين... من قِبل من يحب البحرين ويحرص عليها فعلاً.
ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فأحياناً تأتي الظروف معاكسة لرغبة الإنسان؛ كما هو الحال بالنسبة لأمنيتي بأن يطول رمضان. الأماني هي جل ما يستطيع المرء فعله في بعض المواقف؛ لذا أتمنى لكم الخير وأتمنى أن يوفق كل منا في إدراك أمانيه وتحويلها إلى حقائق معاشة تضاف إلى قائمة إنجازاته الشخصية... وهذا هو ملح الكلام.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية