العدد 2548
الثلاثاء 06 أكتوبر 2015
banner
إجراءات التقشف وعقاب الشعب حمد الهرمي
حمد الهرمي
ستة على ستة
الثلاثاء 06 أكتوبر 2015

أربع سنوات راقبنا جميعا الصراع المرير، حيث لم نقتنع بغايات هذا الصراع والاقتتال، لم نقتنع لا بخطابات المعارضة الهشة والغضة التي تفتقر الى الحكمة والذكاء، ولا بتذبذب المواقف المتأرجحة بين المتشددة والمتراخية حد الفوضى، التي اطلق عليها فيما بعد الفوضى الخلاقة.
قيل لنا هذا وطنكم وعليكم أن تصبروا فالمخاض والولادات دائما تكون صعبة ومؤلمة لكن بعدها تنفرج الأمور ويزدهر الوطن، وصدقنا ذلك كل في مجاله فمسكنا انفاسنا وصبرنا مع الصابرين، صبرنا على معارضة تستهزئ بنا وتتعامل معنا باعتبارنا شعبا من الأغبياء، كما صبرنا على دولة اعتبرت صمتنا ضعفا.
ها قد حطت معركة المعارضة والدولة أوزارها فماذا كانت أول نتائج هذه الحرب؟ كنا نعتقد أن المهزوم سيتحمل شروط المنتصر، والمنتصر سيتحمل هندسة المستقبل، شأن اي صراع يشتعل بين السلطات داخل أية دولة، لنفاجأ بأن الشعب البحريني الصابر هو من يطلب منه تحمل تداعيات واستحقاقات المعركة، هو من عليه ان يدفع الثمن، ثمن اخطاء صريحة للمعارضة والمسؤولين.
رفع الدعم عن اللحوم والمحروقات والكهرباء التي ستأتي قريبا، دلالة صريحة على ان جميع الاطراف اتفقوا - بعد خلاف عبثي - على تحميل الناس ضريبة ما مررنا به.
البحرين تسجل اغرب علاقة بين المسؤولين والشعب وبين المعارضة والشعب، بعد اربع سنوات من اعمارنا، وإذا بالحكومة تبدأ اول تعويضاتها للناس برفع الدعم عنهم والتهديد بتسريح ما لا يحصى من الموظفين المدنيين عبر مشروع تصغير حجم المؤسسات الرسمية تماشيا مع اجراءات التقشف الواجبة بسبب الموقف الاقتصادي المعقد للبحرين وانخفاض أسعار النفط.
تلوح الحكومة في وجه المواطنين بالتراجع الاقتصادي كما لو ان الناس هم السبب، وكما لو ان الناس هم المسؤولين عن عدم تنويع مصادر الدخل التي نادى بها عدد ليس قليلا من المتخصصين الاقتصاديين منذ اكثر من عشرين عاما، كما لو ان الناس هم المسؤولون عن عدم قدرة ممتلكات تحقيق عوائد لأصول تفوق الخمسة مليارات، كأن الناس هم من يعيق حركة السياحة وتحويلها لمصدر دخل يسعف الدولة في الايفاء بالتزاماتها.
كأن الناس هم من يستنزفون ميزانية الدولة والمال العام وليس الحفلات والسباقات والوفود بالمئات تحت عناوين العلاقات العامة ناهيك عن المآدب وحفلات الشاي التي يعرف فواتيرها وزير المالية جيدا ويعرف من صرفها، ويعرف هو وكل اعضاء السلطة التشريعية ان ميزانية هذه الأمور رصدت وتم تأمينها للسنوات القادمة بينما نلغي ميزانيات الدعم للناس في حاجاتهم الاساسية مثل الكهرباء والطاقة والأكل والشرب.
ما يرعب الناس في البحرين ليس التقشف والقناعة بالموجود فتاريخ البحرين يشهد على ملمات اصعب من ذلك والشعب البحريني تحملها بكل انسانية ووطنية لكن ما يخيفهم هو التعامل معهم في صبرهم على الأزمات باعتبارهم (الطوفة الهبيطة)، والتعامل مع تضحياتهم باعتبارها ضعفا وخنوعا وليست حسا وطنيا عاليا، هذا هو الخطر الكبير الذي لا يلتفت اليه احد اليوم بينما ستكون نتائجه كارثية على الجميع.
ان الاستخفاف بمشاعر شعب اعتقد انه خرج من عنق الزجاجة حيث قيل لنا اننا بصدد الخروج منها قبل فترة بسيطة وصبرنا عليها، عبر ادخالنا في عنق زجاجة تلو عنق زجاجة وهو بالتأكيد ما سيؤدي الى انهيار قيم المواطنة لدى الجميع حينها لن تفيد احد اليد الغليظة التي تم التعامل  بها مع الناس منساقين وراء الحلول السهلة والسريعة لحل الازمة الاقتصادية بسبب نقص الخبرة وعدم قراءة التاريخ ناهيك عن اهمال العلم والمنطق السياسي في مثل هذه الظروف الحساسة.
لا يمكن الاعتماد على القوة والفوقية من قبل الانظمة في تعاملها مع شعوبها التي لتوها خرجت من ازمة طاحنة استفزازية، تم خلالها تهميش الناس وفئات المجتمع لصالح نفر من المعارضة  قفزوا ليتركوا البلد خربة منخورة تئن من الامراض الاجتماعية احدها وليس كلها مرض الطائفية.
من يفكر في تبني الحلول الفوقية المتعالية التي من بينها رفع الدعم الآن عليه ان يعرف انه يخطئ خطأ فادحا الكسر فيه لا يجبر ولا يرمم، فلا يغرنا الشكل الذي يبدو عليه الشعب البحريني من الخنوع والرضوخ، فليس هذا سوى الصبر الذي له نهاية بدون شك.. ما اقوله ليس تهديدا بل واقعا ومنطقا.
للحديث صلة...

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .