العدد 2509
الجمعة 28 أغسطس 2015
banner
تصريح مزاولة الخطاب الديني... “لا تبوق لا تخاف”! أسامة الماجد
أسامة الماجد
سوالف
الجمعة 28 أغسطس 2015

“لا تبوق لا تخاف”، مثل شعبي معروف يقال للشخص الواثق من نفسه والملازم للصدق والناجح في عمله ايا كان نوعه ومكانه.
ما إن أكد وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في كلمته الأخيرة ضرورة الالتزام بتأهيل الخطباء ومزاولة عملهم وفق الشروط التي يتم تحديدها للقيام بهذه المسؤولية المهمة وأن يشمل ذلك الحصول على تصريح لمزاولة الخطابة وألا يكون الخطيب منتمياً إلى أية جمعية سياسية، ما إن أكد ذلك حتى خرجت الأصوات الخائفة من تطبيق القانون والالتزام بالخطاب الديني المعتدل واعتبرت أن تصريحات وزير الداخلية هي فرض وصاية على الخطاب الديني وجلست “تولول” كون الطريق سوف يغلق في وجهها بحيث لم يعد هناك مجال للتحريض واستغلال المنبر الديني في الأمور والقضايا السياسية وتجاوز الأعراف والسلوك الذي يفترض أن يتحلى به الخطيب، وإلا ما سبب هذا الخوف والموقف المنعزل عن التوجهات الرسمية التي تصب في الصالح العام ومصلحة المجتمع؟
من يسير في الاتجاه الصحيح ويعتلي المنبر الديني بوعي تام ومسؤولية ويتعاطى مع الموقف بالالتزام متخذا النصيحة والإرشاد طريقا له من المؤكد انه لن يخاف ولن يتناقش طالما هو داعية حقيقي، أما من يستخدم المنبر الديني للنظريات السياسية والمواقف الآيديولوجية والتركيز على قضايا تثير النعرات الطائفية والفوضى والإرهاب فبالتأكيد هو من سيخاف ويرتعد وسيكتب مؤلفات الاحتجاج في هذا الصدد.
 النشاط السياسي شيء والنشاط الديني شيء آخر، والمهمة المزدوجة هنا “ما تمشي”، لمزيد من الإيضاح، كيف لخطيب وشيخ دين ما أن ينتهي من خطبته يتوجه مباشرة إلى الجمعية السياسية التي ينتمي إليها ويجلس على طاولة المكتب السياسي ويخوض في قضايا سياسية وتنظيم مسيرات واعتصامات؟ هذا الخطيب يتخذ من الدين واجهة له ولكنه في حقيقته رجل سياسي ويتعاطى مع السياسة في أعلى مراحلها وهذه الإشكالية أضرت بالبحرين كثيرا وسعى أمثال هؤلاء - “السياسيدينيون” - الى تفتيت المجتمع وصياغة نظريات طائفية تخريبية وطرحوا الأكاذيب ووزعوا الكراهية على كل من يستمع اليهم.
المسألة واضحة ومن يرفض القيام بالمسؤولية فهو حتما يريد الاستمرار في السيطرة على المنبر الديني ويتخذه وسيلة لنشر الفوضى والخروج على القانون وتمجيد أعمال العنف والإرهاب وإعطائها التغطية الشرعية.
 من قال إن تصريحات وزير الداخلية وصاية على الخطاب الديني فهو حتما لا يريد الابتعاد عن العمل السياسي من على المنبر ويرفض التنظيم ويسعى وراء التحريض والتجاوزات.
 كل الأعمال الفوضوية والإرهابية التي تعرضت لها البحرين خرجت من عباءة أولئك الخطباء “بالشكل والظاهر فقط” الذين قلبوا المساجد ودور العبادة الى مركز محاضرات سياسية تحريضية ونقطة أولى لتلقي الحقد على المجتمع والقيادة ومحاربة الوطن، هذا واقع ولا يستطيع احد إنكاره حيث كانت بعض المساجد موجهة ضد البحرين وأمنها وهل نذكر من أين خرجت كلمة “اسحقوهم”!
ثم لماذا الخوف من أخذ التصريح الرسمي لمزاولة الخطابة، هذا أمر متعارف عليه في كل دولة وإلا أصبحت المنابر لكل من هب ودب وليتحدث بأية لغة كانت دون الحاجة الى المراجعة “لا تبوق لا تخاف” وفرص استغلال المنبر الديني من قبل السياسيين بقصد الإضرار بالسلم الأهلي مسألة يجب أن تنتهي فورا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .