العدد 2417
الخميس 28 مايو 2015
banner
ارحموا المواطن قبل أن يفقد توازنه! أسامة الماجد
أسامة الماجد
سوالف
الخميس 28 مايو 2015

هل تريدون الحق؟ منذ أحداث 14 فبراير 2011 الأسود ومحاولة الانقلاب الفاشلة والمواطن يعيش أوضاعًا غير مستقرة وتنتابه كوابيس خاصة عندما يقرأ الأخبار في الصحف. لا يستطيع التكيّف مع التطورات نظرًا إلى سرعتها وتتالي الأحداث بطريقة لا يمكن فهمها واستيعابها. كانت تقلقه في البدء الأعمال الإرهابية والاعتداءات على رجال الأمن وكل الأفعال المشينة للمعارضة الطائفية ودعاة الفتنة. كانت قضية الأمن تشغله بشكل كبير ولم يفكر في أي قضية ثانية. كانت قضية الأمن هي القضية الرئيسة الواسعة الانتشار ثم ما لبثت أن هدأت روحه عندما شاهد نور الفجر وسمع عصافير الصباح بعد ليل طويل، حينما ولّت الأعمال الإرهابية وتم التصدي للمخربين وإعادة الأمن والاستقرار للوطن بفضل الله أولاً، ثم بفضل رجال الأمن البواسل. لم يكن يفكر في السابق سوى في السياسة وضرورة إنقاذ البلد من الجمعيات السياسية الطائفية كالوفاق وتوابعها، حتى إنه كاد يفقد توازنه وينهار بسبب التجاوزات الشنيعة لأمين عام الوفاق بشكل مستمر دون محاسبة، ولكنه اطمأن اليوم بعد أن قال القانون كلمته في حق ذلك الشخص الذي كان يدعو للعنف والحرق وحياكة المؤامرات.
ولم تدم راحته طويلاً بعد نسيان السياسية والابتعاد عن تركيبتها المعقدة، حتى بدأ ينظر للفجوات أمامه من جديد ولكن هذه المرة مع قضية جديدة أفقدته النوم والراحة وجعلته يتكلم فيها ليل نهار وفي أي مكان. ارتسمت على وجهه دهشة وهو يقرأ خبر رفع الدعم عن اللحوم. اشتد قلبه وهو يفكر في الوضع الجديد، ما الإجراءات أو القرارات وغيرها... ومما زاد في ضبابية الموقف وجعله ينتظر بقلب يخفق مليون مرة في الثانية هو قراءته لجميع الأطراف، الحكومة تقول شيئًا والنواب يقولون شيئًا آخر. وأعضاء الشورى يقولون شيئًا آخر كذلك، والشارع من حوله منشق بين مؤيد ومعارض لعملية رفع الدعم. ويوم أمس الأول، قرأ خبرا حجب عنه نور الشمس وهو أن الحكومة وفي إطار سياستها لتقليل المصروفات المتكررة ستقوم بإعادة مبالغ الدعم لمختلف الخدمات والسلع منها الكهرباء والماء والنفط ومشتقاته ضمن مرحلة ما بعد اللحوم!
كل هذه الأخبار المتلاحقة التي تطرق باب المواطن كل صباح قد تفقده توازنه وتهز المجتمع إذا تركت الأمور هكذا دون دراسة وتحليل. حتى صدور القرار أيًّا كان يحتاج إلى وقت مناسب وتهيئة وحملة إعلامية توعوية تقرب الفكرة للمواطن قبل بدء التنفيذ. من حق الحكومة أن ترفع الدعم فهي “الأبخص” بالتقلبات الاقتصادية والطرق الصحيحة والمتوازنة للسوق وكل ما يهم مصلحة المواطن، وهناك مؤيدون لقرار الدعم لا محالة ولكن الحكومة عمومًا مسؤولة عن هذه التجاذبات وما يدور في الشارع أو بالأخرى... الإثارة الإعلامية الحاصلة من جراء تلك الأخبار المتلاحقة التي انعكست سلبًا على المواطن ربما دون قصد.
المواطن عاش في مرحلة الانقلاب وأيام الدوار السوداء - كما قلت - ظروفا قاسية جدًّا لم يشهدها أحد من قبل. كاد يفقد أرضه ووطنه لولا لطف الله بنا وحكمة القيادة. خرج من الأزمة بواقع مختلف تماما وبذهنية “والله محد يلومه عليها”. إنه يبحث الآن عن ما يسعده ويشفي جراحه وليس إلى ما يسبب اضطراب حياته.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .